خالد احمد الطراح 

عمّق العم أحمد السعدون الاطمئنان في قلوب أهل الكويت بتصريحه في 2017/9/20، بأن «المقاطعة لا تعني ترك الساحة السياسية»، مثلما أكد عليه من قدموا تضحيات للوطن وخاضوا تحديات مختلفة، منها المفزع والمؤلم، مثل الأخ الفاضل النائب السابق مسلم البراك.

نحن فعلاً بحاجة إلى الاطمئنان حتى نستطيع تصديره إلى قلوب شباب اخترقها اليأس والإحباط في مرحلة تدهور وتراجع حاد لكويت الدستور على كل المستويات، وبدعم من المال السياسي ومباركة متنفذين.
حديث العم أحمد السعدون ــ أطال الله في عمره ــ حديث المواطن الحريص على وطنه وشعبه، على الرغم من كل ما روج ويروج عنه، فقد برهنت الأيام أن السعدون، وكذلك شخصيات أخرى كمسلم البراك وآخرين، لم تستطع ظروف القسوة والصراعات السياسية كسر إرادتهم.
صحيح أنني وغيري نفتدقهم كثيراً في مجلس الأمة، ولكن وجودهم في الساحة السياسية، وعدم الابتعاد عن الشأن العام والمصلحة الوطنية، يبعثان الأمل في عودة معارضة سياسية صلبة لا تنكسر مهما تعقدت الظروف.
فرحنا بعودة البعض من المعارضة الصلبة التي لم ترضخ للمساومة، ممن كان لهم موقف سياسي قبل وبعد صدور نظام الصوت الواحد الانتخابي، وقاطعت الانتخابات النيابية لأسباب مختلفة، ومنهم الأخ العزيز النائب شعيب المويزري، الذي يعمل اليوم بهدوء وتأني السياسي المخلص لوطنه من دون ضجيج سياسي وتكسب إعلامي، وخير برهان تفانيه في عمله النيابي للمجتمع الكويتي بكل شرائحه وفئاته، ولعل ما يؤكد ذلك أنه لم يحصر دعمه ومساعداته في ناخبي دائرته، وإنما أيضاً جميع أهل الكويت وكل من لجأ إليه وهو على حق.
لب الأزمة التي تعيشها الكويت يكمن في التحديات التي نواجهها، نتيجة طغيان المال السياسي والدفع بالعبث والتعثر للديموقراطية، وتشويه مواقف بعض النواب الحاليين والسابقين أيضاً حتى تصفو الساحة للعابثين بالمال العام!
الشعب الكويتي لا يسعى إلى الصدام مع الحكومة، وكذلك النواب ذوي المواقف الصلبة وأصحاب الاستجوابات المدوية، وإنما يسعى هؤلاء جميعاً إلى تصحيح مسار الإصلاح، وإنقاذ البلد من مسلسل التخريب والهدر للمال العام، كما حصل على أيادي الأجداد والآباء ممن ساهموا في نهضة الكويت، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.
تشهد اليوم الخصومة السياسية تجاوزات غير مسبوقة من خلال التعرض لكرامات أسر كويتية، بمن في ذلك من توفاه الله.. وهو أمر غير مستغرب على من لا يقوى على المواجهة بفروسية، وإنما من خلال التستر خلف الكواليس!
كانت لدينا أقلام وأفواه مأجورة، واليوم مغردون من خارج الكويت، وربما من داخلها للوصول إلى غايات غير شريفة والكويت وشعبها منها براء.
مهما اشتدت العواصف المفتعلة ضد الديموقراطية وحماتها لن تتغير الضمائر، وسيظل أحمد السعدون والدكتور أحمد الخطيب ومسلم البراك، ومن توفاهم الله كسامي المنيس وجاسم القطامي وعبدالعزيز الصقر وغيرهم من الشرفاء، رموزاً للعمل الوطني وكويت الدستور.
كتبت في السابق عن تحول كويت الدستور إلى موطن الندامة بسبب أفعال حفنة من المخربين والمنتفعين من المال العام، وممن تاجروا في العمل الوطني، وهم اليوم يتمترسون وراء مناصب وثروات، لكن حاضر الكويت ومستقبلها لن ينساهم وكذلك ذاكرة التاريخ والمواطن.
***
الذكرى 55 للدستور
بمناسبة هذه الذكرى العزيزة علينا جميعاً، واعتزازاً وتقديراً ووفاء للمرجع القانوني الدكتور عثمان خليل عثمان، الخبير الدستوري للمجلس التأسيسي، نتمنى إطلاق اسمه على أحد المواقع البارزة والمهمة في الكويت.