خالد الطراح
كلمة تفخيخ تعود الى تاريخ التفجيرات لتنفيذ مخططات ثورية خلال ايام التمرد السياسي والانقلابات والاستعمار ضد الانظمة الاستبدادية والدكتاتورية والقمعية.
بعد سنوات تلك المرحلة، التي شاركت فيها مختلف التيارات السياسية في العالم ككل، والعالم العربي على وجه الخصوص، خرجت الى الساحة منظمات ارهابية، منها القاعدة وداعش، في ما بعد، وكذلك احزاب سياسية تتبنى اعمالا ارهابية بدعم بعض الانظمة السياسية التي لها مصالح في دعم اقلية موالية لها من اجل نشر الفوضى وعدم الاستقرار الاقليمي والتدخل بالتالي في شؤون داخلية لدول اخرى.
من خلال متابعتي لملفات الفساد، وما نشهده من بيانات على لسان الأجهزة الرقابية تبين لي ان ثمة ضعفاً في خطط السلطات الرقابية، سواء في مجلس الامة او ديوان المحاسبة في ما يخص البيانات حول المخالفات والتجاوزات الى جانب مس سمعة العدد المتواضع من نواب افاضل قدموا مصلحة البلد والشعب على اي مصلحة اخرى.
ظروف اليوم وتحدياته مختلفة تماما عن السابق، فمن قوة برلمانية صلبة الى انقسام وتشرذم في القوى السياسية لأسباب مختلفة، منها اسباب ومواقف تتحمل مسؤوليتها القوى السياسية، سواء الليبرالية او المحافظة أو المستقلة أيضا.
طبعا التشرذم والانقسام في صفوف القوى السياسية لهما ايضا مصدر آخر تبنته منذ سنوات قوى خفية متنفذة استهدفت تفتيت صفوف قوى العمل السياسي وخلق العثرات في مسيرة العمل الديموقراطي والمكتسبات التاريخية من اجل الوصول الى غاية تعميم شعور شعبي سلبي ضد النظام الدستوري الكويتي حتى يتحقق حلم هذه القوى في تكفير، ان جاز التعبير، الشعب في الديموقراطية وربما التمهيد للعبث في المكتسبات الديموقراطية ليصبح الطريق ممهدا بشكل سهل جدا للمزيد من مخططات الفساد والاعتداء على ثروة الشعب، والشواهد على ذلك عديدة، ليست من خلال تقارير ديوان المحاسبة فقط، وإنما ايضا ما تشهده المحاكم داخل الكويت وخارجها!
حين عملت مع ما يعرف بفريق انهيار وسرقة استثمارات اسبانيا بعد الغزو، تصورت حينها ان هذه السرقة لا بد ان تكون الاخيرة في تاريخ الدولة، لكن الايام برهنت ان الادارات الحكومية المتعاقبة لم تتعظ من سرقة استثمارات اسبانيا!
قناعتي اليوم تتلخص اننا امام مخطط لتفخيخ الجهات الرقابية من خلال ترسيخ الفساد والاعتداء على ثروات الوطن والشعب!
التفخيخ يموت نتيجته من يموت، ولكن التفخيخ من خلال مخططات الفساد السياسي والمالي يجعلنا نحتضر ببطء شديد بسبب عدم القدرة على التصدي لمؤامرات الفساد والاعتداء على ثروات الشعب!
مخطط التفخيخ ممكن ان يقودنا، اذا ما استمر الوضع كما هو عليه، الى مشهد تتم فيه محاولات تقنين الفساد حتى يسود العبث بالمال العام، بينما يستمر سيناريو الحكومة في تقصي الحقائق من خلال تشكيل «لجان محايدة»!
لست بصدد زرع التشاؤم واليأس بقدر مناشدة رموز العمل السياسي واصحاب الرأي الى جانب الشباب للتلاحم من اجل خلق قوى سياسية صلبة قادرة على مواجهة مخطط تفخيخ وطن وثرواته ومكتسباته الديموقراطية!
الأمل حتى لو بدا محدودا اليوم لا بد ان يقوى ويكبر اذا ما تمسكنا بالإصلاح والدفاع عن النظام الديموقراطي الدستوري بصلابة وتوافق، فالفساد السياسي والمالي لا يمكن ان يكون قدر الكويت، دولة الدستور!
التعليقات