عبد الاله بن سعود السعدون

 ابتُليت أمتنا العربية بجنون الإرهاب الدموي الذي يتجه في كل مسيرته الإجرامية نحو هدف واحد، هو تشويه الإسلام، وإثارة الحقد، والتحريض نحو كل ما هو إسلامي حتى أصبح الإنسان العربي مهددًا في كل بقعة تطؤها قدمه من عالمنا الواسع.

وقد يتساءل المرء عن مصدر هذا النفور والكُره العالمي نحو كل شخص أو مكون ينتمي للدين الحنيف، ومن أي بلد كان؟.. هل نعود إلى الوراء ونتعقب الزمن، ونعود لحرب أفغانستان الأولى التي كانت جهادًا كما ادعت بعض القوى الإسلامية المبعثرة في بعض دول الشرق الأوسط؟ أم هي سلاح جديد، استخدمته الاستخبارات الرأسمالية آنذاك لقطع رأس الحية الشيوعية بفأس إسلامية، وتحولت هذه القوى والسلاح التخريبي الجديد لبضاعة مطلوبة وبسعر بخس لكل من يريد أن يدمر ويخرب أي بلد عربي؟ ومن هذا الهدف تشويه الأيديولوجية الصادقة في العالم، دين محمد الإسلام الحنيف الذي اكتسح بأرقام نمو عالمية بين شعوب أوروبا وأمريكيا حتى أن المستشارة الألمانية ميركل أعلنت تخوُّفها من المد الإسلامي في ألمانيا، حتى أن سبعة من المسلمين احتلوا مقاعد نيابية في البرلمان الألماني. والوضع أكثر زحفًا في بريطانيا العظمى، وبدرجة قياسية في الدولة السوبر (الولايات المتحدة الأمريكية). ومن أجل إيقاف هذا المد الضوئي يتم تشويهه، ومن داخله، وللأسف برجال مأجورين، وليسوا برجال، تم غسل أدمغتهم، وغرقوا بالضلال، وتم تحويلهم لمجرمين، تسكرهم رائحة البارود والدم والموت، وسجل إجرامهم طويل وقذر ومحدد بأعمال إجرامية جبانة، آلياتها التكفير والتفخيخ والتفجير والانتحار الإجرامي. كل هذا ويدعون أنه الجهاد كذبًا وتجنيًا على الإسلام والعالم الإسلامي.. حتى بلغت بهم الخسة والعمى الفكري باتجاههم نحو تفجير المساجد.. وغرقًا بالإجرام يتم اقتراف هذه الجرائم بأرفع مستوى روحاني في صلاة اللقاء الإرشادي، في صلاة الجمعة؛ لتتضاعف خطاياهم، ويشتد جزاؤهم يوم الحساب الأكبر عند رب عادل جبار. وتأتي جريمة مسجد الروضة في بئر العبد غرب العريش بشمال سيناء المحررة وصمة عار لهذه القوى الإرهابية المنبوذة والعميلة للاستخبارات العالمية، وتُعتبر تحولاً جديدًا في الاستهداف الإجرامي في صحراء سيناء التي أصبحت مسرحًا لجرائم إرهابية، تمتد من الحدود الوهمية مع العدو الصهيوني حتى العريش، وتحركها قوى أجنبية إجرامية، هدفها زعزعة أمن واستقرار شمال سيناء والقوات المسلحة المصرية الشجاعةلمرابطة هناك.

لا بد لليقظة والحذر، والعمل على تجفيف منابع تمويل ودعم هذا الإجرام الخبيث، وإنهاء كل مكامنه، الذي أصبح كالوباء الساري الذي يقضي عليه تكاتف المواطن مع رجل الأمن، وتكثيف مظاهر الوحدة الوطنية.

سقطت خلافة الدواعش المزعومة والكاذبة، وانكشف مشروعهم الشامل، وانهزموا تمامًا في سوريا والعراق، وسقطت دولتهم المزعومة هناك، وخرجوا من الموصل والرقة، وكل يوم تتطهر الأراضي السورية والعراقية منهم.. لكن في المقابل فإن هزيمتهم هناك تعني خروجهم وانتشارهم في مناطق هادئة، أو مناطق تستقبلهم، وتوفر لهم البيئة الحاضنة. وهذا يعني أن علينا أن نستعد لهذه الفلول أو «القنابل الإرهابية المتجولة» في المنطقة العربية الواسعة.

برأيي، إن المواجهة ليست سهلة بالمرة، وتحتاج إلى مال ووقت طويل، وتنسيق وجهود صادقة متواصلة ومنسقة في الداخل والخارج، والعمل على نشر الفكر الأمني في مساجدنا وجامعاتنا بطرق علمية هادفة؛ وبالتالي علينا الاستعداد لمعركة طويلة، سوف ننتصر فيها بإذن الله. رحم الله شهداء مسجد الروضة في شمال سيناء الصابرة، وتعازينا الحارة لعوائل الشهداء، ودعواتنا بالشفاء العاجل للمصابين والجرحى، وأن يحفظ الباري - عز وعلا - شعب وأرض مصر العربية الشقيقة من لهيب الإرهاب العالمي.