عزة السبيعي

ربما كان جيدا أن ننشر ما فعلناه للقضية الفلسطينية، وربما أيضا جيد أن يدخل كتابنا ومثقفونا في نقاشات مع مثقفي العالم العربي، والذين اشتعلت حساباتهم ضدنا، أو نفعل مثل المثقف السعودي والشاعرة الرقيقة أشجان هندي، ونطرد من حساب فيسبوك كل من يتطاول على بلدنا. 


لكن كل هذا لا يعالج قضيتنا المتجددة مع موقف العرب منا، خاصة المثقفين والإعلاميين – لا تنسوا أن 300 مثقف عربي قدموا شكوى ضدنا مرة للأمم المتحدة في قضية شاعر فلسطيني متهم بالردة، وبالمناسبة سكتوا عن إعدام المدون الموريتاني ولد امخيطير، ولا حتى تكلموا عن تشديد موريتانيا عقوباتها على المثقف الذي يظهر ردته في قصائده بأن جعلت حتى توبته غير مقبولة ويعدم.
على كل حال البدو لديهم تعبير يوضح ما يحدث يقولون «حصاة فلان محناة»، بمعنى لونها أحمر من أثر الحناء، فإذا رمى بها اتهم، ولو لم تصب أحد. 
لكن قطعا هناك أسباب لهذه الكراهية تحتاج أن تدرسها مراكز البحث في جامعاتنا، وتخبرنا بأسبابها لمعالجتها، لكن حتى ذلك الوقت دعونا نتذكر أمرا مهما متفقا عليه، وهو أن الناس أعداء ما يجهلون، وهم يجهلوننا فحتى مع كل هذه القنوات الإعلامية التي يصل بثها لهم والتي نملكها ارتكبنا أخطاء في رأيي كثيرة جدا، ربما أهمها سبعة:
أولاً: من يدير قنواتنا لا ينتمي لنا، أعني المدير الفعلي، وليس الاسمي الذي ربما نسي بوابة القناة من قلة زيارتها، بل إننا قمنا بتعيين من بديهياً يكرهنا، إما لأنه تعلم ذلك وتربى عليه في جنوب لبنان، أو حيث يعيش الدروز، أو لأنه ببساطة لا يستطيع أن يحبنا، فيقدم حقيقتنا للعالم العربي لأن هناك انتقامات تنتظر أسرته من الحزب الحاكم بأمره في لبنان أعني حزب الله، ولا تستهينوا بذلك، هناك تاريخ لحزب الله في قتل وتعذيب الإعلاميين، بعضهم ملؤوا فمه حجارة عندما عاد إلى لبنان ليعزي في وفاة أمه، فكيف سيدير خائف قنواتنا برأيكم؟ 
أذكر أن إعلاميا لبنانيا سنيا صرخ مرة وهو يعدد الشيعة اللبنانيين في القنوات السعودية وقناة الحريري، وقال ياخيي صير طائفي ولو هنا فقط لست بالخب ولا الخب يخدعني لم تطبق إعلاميا. 
ثانيا: ما ينقل في قنواتنا سخرية واحتقار لمجتمعنا، فمن أين تعلم الفلسطيني أن يشتم السعوديات بصاحبات ركب سود، أو صورة الخرفان السعوديين، لقد شاهده في مسلسل فكاهي سعودي، فطوال العشرين عاما الماضية لم نشاهد مسلسلا سعوديا مثل ليالي الحلمية أو الوسية رغم عظم تاريخنا وإنجازنا وما حوته صحراؤنا وقرانا وجبالنا من مكارم وقصص. 
إن العرب مثل الكثيرين في هذا العالم لا يرون فينا سوى حفارين نفط، ويجهلون صناعة البترول أو الفنون والمفكرين، وهذا يقودني إلى السبب الثالث.
ثالثاً: المناسبات الثقافية التي يُدعى إليها المثقف العربي لا يُدعى إليها المثقف الجاد والمبدع، بل تجد أسماء معينة تتكرر دائما، بعضها رصيده الأدبي لا يتجاوز كتاب خواطر، فيظهر بجوار قامات ثقافية ترصد الفرق، وتشعر بالتعالي، بينما عظماؤنا يتم تجاهلهم، ولا يتم تكريمهم. 
رابعاً: الملحقيات الثقافية، وسبق أن كتب الدكتور عثمان الصيني مقالا عظيما حول قصورها، وأضيف عليه أن الملحقيات الثقافية في العالم يديرها مثقفون وشعراء معروفون إلا ملحقياتنا الثقافية فهي مدرجة مع التعليمية، ولا يتضح لها رئيس حتى نقول هل هو مثقف صاحب نتاج محترم، أو مجرد موظف ضيق الإبداع غير قادر حتى على خلق علاقات مع مثقفي البلد المستضيف وإعلامييه وإقامة مناسبات ثقافية تعرف ببلادنا، ويدعى فيها مثقف جاد 
لا يلهث خلف المال أو فيزة عمل وهم كثر في عالمنا العربي.
الأخطاء الخامس والسادس والسابع تتمحور حول قاعدة تقول الاستثمار في شبابنا إنهم فقط من سيحمي سمعة المملكة، ولن يسيء إليها، ومهما علمته أو دربته فسيظل مثل الغيمة، أينما أمطرت فخيرها للسعودية سمعة وعطاء، مالنا ومال أولاد غيرنا ندربهم ونعلمهم، فإذا اشتد ساعدهم رمونا.
عندما تستثمر في إعلامي سعودي أنت لا تصنع شعبية له، بل لبلده أيضا، لقد أحببنا الأردن مع حبنا واحترامنا للمذيعة الأردنية منتهى الرمحي مثلاً. 
وعندما تعد مذيعة سعودية مثقفة وواعية أن تعطي للعالم العربي صورة عن بلدها وهو السعودية ونسائها فأنت الرابح دائما. 
وأخيراً إذا أشرنا بإصبع لمن يكرهنا هناك ثلاثة تشير إلينا.