عبدالله بن عبدالمحسن الفرج

توقعت بلومبرغ ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لن يكمل ولايته الثانية التي تبدأ في مارس من السنة القادمة وأن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب سوف يعاد انتخابه لفترة ثانية. وهذا الخبر السياسي الذي يخالف جل التوقعات القائمة اليوم بنته المجلة على أساس توقعات اقتصادية. الامر الذي يبرهن للمرة المليون ارتباط السياسة بالاقتصاد.

وهذه ليست هي المرة الأولى التي تخطئ فيها التوقعات حول روسيا. فـ Stratfor، التي يطلق عليها ظل المخابرات الأمريكية، توقعت، في ظل الفوضى التي عاشتها روسيا في التسعينات من القرن المنصرم، أن روسيا سوف تتفتت بحلول عام 2015 إلى عدة إمارات. وربما هذا التوقع هو الذي عجل بمجيء بوتين إلى السلطة للحيلولة دون ذلك.

ورغم أن توقعات معاهد الابحاث هي أقرب ما تكون إلى برامج عمل، لتحويل الامنيات إلى واقع، فإن توقعات بلومبرغ، هذه المرة، هي أقرب إلى الاثارة منها إلى أي شيء آخر. فانخفاض أسعار النفط هو أمر غير متوقع في عهد الرئيس ترامب. فأمريكا قد جربت انخفاض أسعار النفط على نفسها في عهد أوباما. ولكن بدل أن يحقق الانخفاض، الذي حدث بعد عام 2014، ما كانت ترغب فيه الولايات المتحدة فإنه كاد

أن يجفف الغاز الصخري الأمريكي عندما تقلصت منصات الإنتاج -مع تدني أسعار النفط

إلى ما دون 30 دولارًا للبرميل.

أما الآن فإن الرئيس الأمريكي يرغب أن تنتج الولايات المتحدة النفط حتى في تلك الأماكن التي تكلفة الإنتاج فيها مرتفعة. وهذا غير ممكن ما لم ترتفع أسعار النفط إلى مستويات تغطي تكاليف الإنتاج وتدر أرباحا على الشركات المنتجة له.

وعلى هذا الأساس فإن أسعار النفط مشرفة على مرحلة ارتفاع وليس انخفاض، وهذا أمر يفرحنا، شأننا شأن كل البلدان المصدرة للنفط، فانخفاض أسعار النفط مثل ما توقعت بلومبرغ إلى 10 دولارات للبرميل أمر لا يضر بروسيا وحدها. فنحن قد جربنا على جلدنا، خلال (2015 - 2016)، ما يعنيه انخفاض أسعار النفط.

والحديث يدور هنا عن 27 دولارًا للبرميل. فما بالك إذا انخفض سعر النفط، كما

توقعت بلومبرغ، إلى 10 دولارات. إن اقتصادنا ليس مهيئا في الوقت الراهن لمثل تلك الصدمة. وبصفة عامة فإنه حتى بعد عام 2030، عندما نكون قد أعدنا هيكلة الاقتصاد، فإن 10 دولارات للبرميل

سوف تكون لها مضاعفات خطيرة. فنحن يمكن أن نقلص مساهمة النفط في الاقتصاد إلى

أدنى مستوى ولكن لا يمكننا الاستغناء عنه مطلقًا.

وكل عام جديد والأعزاء القراء بألف خير وأسعار النفط في ارتفاع مستمر.