سمير عطا الله

تحيط دولتان كبيرتان بالولايات المتحدة مثل سوار: المكسيك بجبالها وصحاريها ولغتها الإسبانية، وكندا بلغتيها، الإنجليزية والفرنسية، وثلوجها وبحيراتها. الأولى، وضعها ترمب على خريطة الأحداث الأولى؛ لأنها تصّدر إلى بلاده أفواج المهاجرين، الشرعيين والقانونيين، وتصّدر معهم لغتها التي أصبحت الثانية في الولايات المتحدة، وتصّدر أحياًنا امتدادات الجريمة «المنظمة» عندها.

كندا، العكس. تهاجر إليها عبر الحدود نسبة ضئيلة من الأميركيين، وُتعتبر دولة نموذجية بالمقارنة مع الولايات المتحدة، تتحاشى إغضابها وتتجنب الخضوع لسياساتها خارج القضايا والمنظمات الاستراتيجية، مثل الحلف الأطلسي الذي ينتقده ترمب، واتفاقية نافتا، التي تضم أيًضا المكسيك، ويريد إلغاءها.

هناك أسئلة كثيرة في هذا العالم، لا أجوبة لها: لماذا يعبر 11 مليون مكسيكي من بلد خصب، معتدل المناخ، سهل العيش، إلى الديار الأميركية ولا يفعل ذلك كندي واحد من بلاد تغمرها الثلوج أربعة أشهر، ولا تعرف حياة الهواء الطلق إلا قليلاً؟ لماذا الفقر الأزلي على هذا الجانب، والتطور المستمر على ذاك؟ لماذا القانون مُهان في المكسيك ومصون في كندا؟.

هل هو العرق؟ اللغة؟ الثقافة؟ المناخ؟ُتعتبر المكسيك، في أميركا الوسطى واللاتينية، مجرد دولة أخرى عليها أعراض القارة: عناء وكسل وفقر ورصاص. وحفنة من الأدباء والشعراء الكبار. وبضعة مليارديرات، بينهم كارلوس سليم، وأنِعم وأكِرم. والباقي عادي وأقل. والطبقة المتوسطة غفيرة حًقا، لكن الفقر أعلى صوًتا. أما كندا فهي نموذج الطبقة المتوسطة في العالم. ونظام الرعاية لا يسمح بوجود فقراء. ونسبة الاستقرار السياسي بالنسبة إلى المكسيك، غير قابلة للمقارنة.

ما السبب؟ العرق؟ الحضارة؟ الديانة؟ كلتاهما دولة ذات أكثرية مسيحية، وكلتاهما منتمية إلى «الحضارة الغربية». وتعملان بنظام ديمقراطي برلماني واحد. من حيث المبدأ. ولكن ترمب، ومعه أميركيون كثيرون، يتحدث في نقمة شديدة عن جار، وفي احترام وتساو عن آخر. دولتان، نموذجان لشيئين شبه متناقضين في كل شيء، حتى في جهة الحدود مع الولايات المتحدة.

كدت أقول: إنها الحضارة الأنغلوسكسونية، والدليل أستراليا – ونيوزيلندا – في آسيا. ولكن ماذا إذن، عن اليابان وسنغافورة، فأين تقعان؟ وماذا عن الصين؟ هناك أسئلة كثيرة في العالم تُطرح على سبيل الدهشة، لا على سبيل الاستفهام. لذلك؛ُ يختم السؤال بهذه العلامة! وليس بهذه؟.