سمير عطا الله

كل شيء تقريبًا مألوف في مجزرة مسجد مدينة كيبيك: القاتل متطرف، متعصب، ضد المهاجرين والمسلمين، يوالي مارين لوبان في فرنسا، والضحايا الستة جميعًا آباء لأطفال صاروا يتامى، وجميعهم أعضاء عاملون ومسالمون في مجتمع المدينة، المسالمة هي أيضًا. الأمر المألوف الثالث، هو أنه مقابل القاتل الفرد، ألكسندر بيسونت، هناك جمعيات كبرى في المدينة، متكرسة للعناية بالمهاجرين والترحيب بهم.


ما هو غير المألوف إذن؟ إنه وقوع هذه الجريمة في بلد تعددي مثل كندا، وزير دفاعه رجل من السيخ، و11 عضوًا مسلمًا في برلمانه، بالانتخاب. وربما ثلاثة أو أربعة في مجلس الشيوخ، الذي يضم مسلمًا بين أعضائه منذ 50 عامًا على الأقل. لكن هذه لها دلالات غير أساسية. الأساسي هو موقف الشعب الكندي من قضايا الإنسان وانفتاحه على الأعراق والإثنيات والغرباء. ولذلك، تُعتبر جريمة بيسونت ضد كندا قبل أن تكون ضد المسلمين.
غير أنها تكشف أيضًا مدى تفشي الشعور العنصري حول العالم، بحيث وصل الشعور بالتوحش إلى طالب جامعي، في مدينة كندية هادئة، ليس فيها ذلك العدد الضخم من المهاجرين. ارتكب بيسونت جريمته بدم بارد، ثم سلم نفسه إلى الشرطة، معتبرًا اغتيال المصلين أمرًا يعتز به. عندما يصبح سهلاً على كندي في مدينة نائية قتل المصلين، كما فعل مفجر مسجد الكويت، تكون الدلالة العالمية بالغة الخطورة. فـ«المعبأ» بالحقد هنا ليس عاطلاً عن العمل، مثل تونسي شاحنة برلين، أو مثل تونسي شاحنة نيس، بل هو طالب جامعي ميسور. وقد ارتكب جريمته فيما كان العالم كله في جدل حول الحظر على سفر المسلمين إلى الولايات المتحدة، فوجد نفسه مجرد جزء من «المواجهة». وعندما يصل هذا الشعور «المبسّط» إلى مجتمع منفتح ومنصف وقليل العنصرية مثل المجتمع الكندي، فهو علامة شديدة السوء. وما يجعلها أكثر سوءًا أن مقاطعة كيبيك الفرنسية معروفة تقليديًا بتأييد العرب والقضايا العربية.
تقول «الغارديان» في استنكارها لتبادل العمليات الإرهابية: «الإرهاب ليس دينًا». لكن خطورته أنه يقسم الناس على أسس دينية وعرقية وعنصريات أخرى. وفوق ذلك، يسمم حياة المسلمين والعرب والأفارقة في المجتمعات العربية. والقرارات التي تتخذها الإدارة الأميركية الجديدة تؤدي إلى أمرين متقابلين: تشجع أمثال بيسونت، وتشجع أمثال سائق شاحنة برلين. يا للهول...