نبدأ جولتنا في الصحف من يديعوت أحرونوت الإسرائيلية التي نشرت مقالاً عن أحداث الشغب التي شهدتها العاصمة الهولندية أمستردام بين مشجعين كرة قدم إسرائيليين ومؤيدين للفلسطينيين، والذي حذر من أن أوروبا قد تحول إلى "أراضٍ عربية معادية للإسرائيليين".
وحذر أور يوساتشار، كاتب المقال، من أن ما حدث "يدق ناقوس خطر، وهو ينطوي على العديد من الرسائل التحذيرية من التهديد المتزايد للتشدد الإسلامي الذي يجد لنفسه تربة خصبة في أوروبا".
وأشار إلى أن "الأحداث المؤلمة، مثل توقيت هذه المذبحة قبل لحظات من ذكرى ليلة البلور، والعنف الوحشي، وإلقاء اليهود في قنوات المدينة، أو غض السلطات الطرف عما حدث، كل هذا جعل هذا الحدث أكثر بروزاً ورعباً".
ليلة البلور/ مصطلح يستعمل للإشارة إلى عمليات نظمها ونفذها النازيون ضد مصالح وبيوت يهودية في ألمانيا بين التاسع والعاشر من نوفمبر/تشرين ثاني عام 1938.
ويشير الكاتب إلى أنه "في ضوء تصاعد معاداة السامية في أوروبا طوال الحرب وتكرار المظاهرات والاضطرابات العنيفة بشكل متزايد، نصل إلى استنتاج لا لبس فيه: هذه ليست حوادث فردية. بل إنها حقيقة جديدة لا يمكن إنكارها على الأراضي الأوروبية. وفي إطار هذه السيناريوهات المتطرفة، يمكن أن تتغير العلاقات الدبلوماسية والدفاعية بين إسرائيل وأوروبا إلى النقيض مما هي عليه الآن".
ويبين الكاتب إلى أن هناك "تغييراً في الأوضاع الديموغرافية الأوروبية وفي الحضارة الأوروبية نفسها تزداد سرعته منذ بداية العقد الماضي بينما تقف أوروبا مكتوفة الأيدي باستجابات بطيئة غير مدركة للقوة التي يتمتع بها هذا التهديد بمرور الوقت، والذي بدأ يتغلغل بداخلها".
ويقول الكاتب إن السلطات في دول أوروبا تُمكن ملايين المهاجرين من الدخول إلى البلاد، والذين بدأوا يعيدون تشكيل القارة، "إذ أصبحت جميع المدن الأوروبية مثل أمستردام وباريس وبروكسل وبرشلونة – التي طالما عرفت بأنها مراكز للسياحة العالمية – محاطة بجاليات من المهاجرين الفقراء الذين يحاولون الإمساك بزمام الأمور في هذه المدن الكبرى علاوة على اللافتات الإعلانية المكتوبة باللغة العربية ومآذن المساجد التي ترسخ للثقافة العربية والإسلامية في أوروبا".
ورأى الكاتب أن أحداث الشغب في أمستردام "تتسق" مع اتجاه أوروبا نحو الحرب التي يتمثل في "الإنكار الشديد لجذور المشكلة التي أدت إلى الحرب والتركيز على حلول الإسعافات الأولية للتعامل مع حالة إسرائيل"، زاعماً أن معاداة السامية تزايد في أوروبا نظراً لتجاهل الغرب جذور المشكلة التي تتمثل في "نزعة الهيمنة الإيرانية والميول المعادية للسامية لحماس وحزب الله ولتركيز على النزاع على الأرض مع الفلسطينيين وحل الدولتين".
وأشار إلى أن أوروبا لا تزال تعاني من إنكار شديد بينما بدأ الإسرائيليون في القارة الأوروبية يتخذون إجراءات وقائية بعدم التحدث بالعبرية في الأماكن العامة وعدم ارتداء أي زي يمكن أن يشير إلى هويتهم اليهودية، وهو ما رأى الكاتب أنه اتجاه قد يزداد قوة ليتجنب الإسرائيليون العداء في شوارع أوروبا.
ترامب والأسواق العالمية
ننتقل إلى صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، التي تناولت في مقال نشرته الأوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة بعد فوز دونالد ترامب برئاسة البلاد وكيف يمكن أن تؤثر على حركة سعر الأسهم الأمريكية؟ ومن ثم الطريقة التي قد يؤثر بها حكم ترامب على أسواق المال العالمية بصفة عامة؟
وألقت غيليان تيت، كاتبة المقال، الضوء على الارتفاعات القياسية التي حققتها الأسهم، ليس في وول ستريت فقط إنما في البورصات العالمية أيضاً، بعد فوز الرئيس المنتخب دونالد ترامب بمقعد الرئاسة، وهو ما رآه البعض غريباً إلى حدٍ ما. لكنها حاولت في هذا المقال التعرف على أهم الأسباب التي أدت إلى ارتفاع الأسهم بعد فوز ترامب وهل يستمر هذا الارتفاع أم يتوقف عند نقطة ما؟
وقالت تيت: "قبل الانتخابات كانت أسعار الأسهم الأمريكية مرتفعة بالمعايير الدولية بسبب توقعات النمو المستقبلي والأرباح الجيدة، وهو الأمر الذي زادت قوته بعد الانتخابات، والذي يتوقع أن يستمر حال تحقيق الولايات المتحدة قدراً أكبر من النمو بسبب الإعفاءات الضريبية التي وعد بها ترامب".
هذا عن السبب الأول، أما السبب الثاني فيتمثل في توقعات الكاتبة "بأن بعض القطاعات قد تقود هذا الارتفاع لفترة أطول. فترامب تستهويه قطاعات اقتصادية مثل النفط والغاز الطبيعي، كما أن بعض أبرز داعميه من رؤساء شركات وادي السيليكون عمالقة التكنولوجيا، وقطاع الصُلب الذي دون شك سوف يستفيد من التعريفات الجمركية التي يعتزم الرئيس المنتخب فرض المزيد منها، والقطاع المصرفي. وهو ما قد يأتي على حساب قطاعات أخرى مثل قطاع الطاقة المتجددة".
وشبهت الكاتبة المقربين من ترامب بأعضاء "البلاط الملكي"، الذين يتمتعون بحظوة الرئيس الأمريكي، مرجحة "أن هناك حاجة ماسة للشركات في مختلف القطاعات إلى إقامة علاقة مباشرة بالإدارة الأمريكية والمسؤولين بها لأن العلاقة المباشرة بالسلطة هي الأمر الوحيد الذي من شأنه أن يمكنهم من تحقيق المزيد من النمو في عصر ترامب".
وتحدثت أيضاً عن إعادة الشركات الأمريكية للعمل داخل الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي من شأنه أن يوفر المزيد من الوظائف الأمريكية ويدفع بعجلة النمو إلى أعلى، مستشهدةً بتصريحات أدلت بها نيكي هالي، السفيرة الأمريكية السابقة لدى الأمم المتحدة - التي نافست ترامب في وقت سابق من أجل الحصول على ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة- مخاطبةً أصحاب الأعمال والشركات الأمريكية العاملة في المكسيك وكندا بأن يبدأوا في دراسة "خطط بديلة" لتفادي الأضرار التي قد تنتج عن سياسات ترامب علاوة على ما يردده البعض من خطر قد يواجهه المصنعون الأمريكيون في ألمانيا ودول أخرى في أوروبا بسبب التعريفة الجمركية الأمريكية.
وحذرت تيت من وصول الدين الأمريكي "إلى حدود تثير القلق"، قائلة إنه في حالة وفاء ترامب وفريقه بالوعود الانتخابية التي تتضمن "إضعاف الدولار الأمريكي، وفرض المزيد من التعريفات الجمركية التضخمية، واتخاذ القرار بإعفاءات ضريبية هائلة، وتحجيم استقلالية بنك الاحتياطي الفيدرالي"، قد يرفع ذلك مستويات الدين (سندات الخزانة الأمريكية) إلى مستويات أعلى من 9 تريليون دولار.
وحذرت من ضغوط شديدة قد تتعرض لها دول الاقتصادات الناشئة، إ"ذ يستمر ارتفاع الدولار الأمريكي منذ إعلان نتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024، وهو ما قد يصعب الأمر أكثر على تلك الاقتصادات في ضوء المزيد من التعريفات الجمركية".
ونصحت الكاتبة بالتحوط من تقلبات السوق المتوقعة من خلال تنويع الأصول المكونة لرؤوس الأموال والمدخرات، مرجحةً إمكانية إضافة البيتكوين إلى أصول الملاذ الآمن مثل الذهب والدولار الأمريكي، إذ يدعم الرئيس الأمريكي الجديد العملات المشفرة.
مساعدات إنسانية إلى غزة
كتب هميش فولكنر، وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط، مقالاً في صحيفة الشرق الأوسط السعودية، "عن التعنت الإسرائيلي" في قضية التعامل مع وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، قائلاً: "مواد غذائية، وملابس للشتاء، وأكياس نوم تقي من البرد، وخيام. هذا بعض من كثير من مواد الإغاثة الحيوية اللازمة للوقاية من طقس الشتاء، التي رأيتها يكسوها التراب خلال زيارتي إلى العريش في مركز المساعدات الإنسانية بمصر، في انتظار إدخالها إلى غزة".
وأعرب فولكنر عن استيائه الشديد من تدهور الأوضاع الإنسانية في القطاع إلى حدٍ كبيرٍ في الآونة الأخيرة، مستشهداً "بتحذير صارخ" أصدرته لجنة أممية قالت فيه إن "مناطق شمال غزة من المرجح أن تواجه مجاعة وشيكة". وقال فولكنر إن المملكة المتحدة ترأست جلسة في الأمم المتحدة بحثت التقرير "المؤلم" للجنة وطالبت إسرائيل مجدداً بالتصرف الآن.
وأشار إلى أن الأوضاع الإنسانية الآخذة في التدهور أجبرت العديد من الأسر على النزوح أكثر من عشر مرات، مؤكداً أن "المدنيين يستحقون الكرامة والاستقرار، لكنهم يجدون أنفسهم مدفوعون نحو النزوح من منطقة ينتشر فيها المرض والدمار مباشرة إلى منطقة مثلها".
وحذر من خطر سن قانون إسرائيلي يحظر عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، موضحاً: "إقرار قانون بشأن وكالة الأونروا، التي توفر مساعدات للاجئين الفلسطينيين، يهدد بتقويض الاستجابة الإنسانية الدولية برمتها في غزة. يجب على إسرائيل الامتثال لالتزاماتها القانونية، وضمان أن تتمكن الأونروا من مواصلة عملها المنقذ للحياة".
كما شدد فولكنر على بعض النقاط، أبرزها أنه "لا يوجد أي منظمة مهما كانت" يمكنها أن تحل محل الأونروا أو أن تسد الفجوة التي يخلفها غياب هذه المنظمة العريقة. وأشدد أيضاً على "الدور الريادي" الذي تتمسك المملكة المتحدة بأن تلعبه للتخفيف من معاناة الفلسطينيين في غزة. وأشار إلى أنه أعلن، أثناء زيارته للعاصمة المصرية القاهرة، عن تخصيص مليون جنيه إسترليني لوزارة الصحة والسكان الأمريكية لاستخدامها في دعم المدنيين الفلسطينيين الذين يتلقون العلاج في مصر بعد أن نجحوا في الخروج من غزة.
التعليقات