إيلاف من تكساس: لماذا عاد أسطورة الملاكمة مايك تايسون للمنافسة من جديد؟ ولماذا جازف بتاريخه وهيبته بالموافقة على مواجهة ملاكم شاب يصغره بـ 31 عاماً؟ وهل كان الحصول على 20 مليون دولار من المباراة كافياً للمغامرة بكل هذا التاريخ.

تلك هي تساؤلات الساعة في كل مكان حول العالم، والاجابات تتراوح بين غاضب من النجم الأسطوري تايسون الذي أهان تاريخه الكبير "حسب رؤيتهم"، وبين مؤيد له ولمغامرته وروحه الشبابية الخلاقة، فقد تدرب جيداً وألهم الجميع، وخاض هذا التحدي الكبير دون خوف، كما حصل على 20 مليون دولار، فيما نال الشاب الصغير 40 مليون دولار.

اليوتيوبر الذي تحول إلى ملاكم، جيك بول، هزم بطل الوزن الثقيل السابق مايك تايسون بقرار إجماعي (بالنقاط) في نزالهما الاحترافي المرتقب ليلة الجمعة في أرلينغتون، تكساس، وتمكن الشاب من تجنب أي ضربة قاضية من تايسون، وتحرك أمام الملاكم الخبير بخفة ورشاقة، ولم يمنحه الفرصة لتوجيه "القاضية له"، وهي أقوى وأخطر ما يملك تايسون.

نجح مايك تايسون في الصمود لمدة 8 جولات أمام جيك بول، لكنه لم يقدم مقاومة كبيرة، حيث نجح نجم اليوتيوب في تحقيق فوز بالإجماع بالنقاط.

حقق تايسون بداية حاسمة في الجولتين الأوليين، لكنه اكتفى بالجلوس وتلقي اللكمات في الجولتين الأخيرتين، مما يعني أن تايسون قوي، ولكنه لا يملك قوة التحمل للبقاء في القتال لفترة طويلة لأسباب تتعلق بمرحلته العمرية، فهو يقترب من الستين.

وبعد النتيجة، قال تايسون، 58 عاما، إنه ليس لديه ما يثبته للعالم، بل لنفسه فقط، ووصف بطل الوزن الثقيل السابق المثير للجدل بول -الذي يصغره بـ31 عاما- بأنه "مقاتل جيد للغاية".

وعندما سُئل عما إذا كان يخطط للقتال مرة أخرى، قال تايسون: "لا أعرف" - لكنه ألمح بعد ذلك إلى أنه قد يفعل ذلك.

والرائع في الأمر أن بول قال عقب الفوز، إن تايسون يظل أسطورة حقيقية، بل أسطورة كل العصور في الملاكمة، بل إنه في آخر الجولات انحنى له احتراماً وتقديراً، واعجاباً بتاريخه الكبير، واللافت في الأمر أنه فعل كل ذلك على الرغم من قيام تايسون بتوجيه صفعه له قبل المباراة.

التلغراف تسأل.. ما الهدف من كل ذلك؟
صحيفة "تلغراف" اللندنية تراها "مسرحية" وقالت .. ما الهدف من كل هذا؟ فبعد أسبوع من الضجة والضجيج، كانت مباراة تايسون وبول مملة للغاية ــ كانت مجرد جلسة تدريب رائعة لم يكن أي منهما مستعداً فيها للمغامرة، واتخاذ خطوة حاسمة.

الشيء الوحيد الذي نجح تايسون في إسقاطه كان خدمة Netflix نفسها، والتي انهارت تحت ضغط طلبات البث العديدة، في 8 جولات، وجه 97 لكمة فقط، أي ما يعادل تقريبًا لكمة واحدة كل عشر ثوانٍ.

كان بول يرقص حول الحلبة، ولم يكن عليه أن يفعل أي شيء تقريبًا ليحقق فوزًا ساحقًا بالنقاط. ورأى أحد القضاة أن بول فاز بكل جولة (80-72)، بينما ألقى القضاة الآخرون بـ"عظمة" لتايسون عندما حكموا له بأنه الفائز بالجولة الأولى (79-73).

لقد تضمنت التمثيلية التي سبقت المباراة الكثير من الإساءة المصطنعة، بما في ذلك الصفعة التي وجهها تايسون له في جلسة الوزن يوم الخميس، فضلاً عن الكلام المهين المستمر من جانب بول. ولكن أي وهم للعداء تم نسيانه بمجرد بدء "المعركة" ـ إذا جاز لنا أن نسميها كذلك.

توقف المتنافسان المفترضان عن التظاهر بتبادل اللكمات قبل عشر ثوانٍ من قرع الجرس الأخير. بدأ بول أولاً في الإيماء برأسه والركوع في إظهار الاحترام. وبعد ذلك، بمجرد انتهاء الوقت، وقفا معًا وجباههما تلامس بعضها البعض: رجل عجوز وملاكم كوسبلاي خدع العالم.

خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب المباراة، كان بول صادقًا بشأن تحمله لخصمه. وقال: "لقد حاولت تقديم أفضل ما أستطيع في القتال، ولكن عندما يحاول شخص ما البقاء على قيد الحياة في الحلبة، فمن الصعب أن تجعل الأمر مثيرًا. لقد كان عمره 58 يظهر بعض الشيء.

"على سبيل المثال، بعد أن صفعني، أردت أن أكون عدوانيًا وأهزمه وأضربه بالضربة القاضية وما إلى ذلك. لكن هذا الأمر اختفى مع استمرار الجولات."

ورغم أن هذا قد يبدو خيانة للمفهوم برمته، إلا أنه كان أيضاً رحمة. فلو كان بول البالغ من العمر 27 عاماً قد هاجم تايسون حقاً، لكان بوسعه أن يلحق به الأذى الرهيب.

خيبة أمل الجمهور
بدا الأمر مفهومًا بالنسبة لجمهور حلبة AT&T، فقد شعروا بخيبة الأمل إزاء كل هذا. فقد أحبوا خروج تايسون ودخوله الحلبة، الذي كان مليئًا بالطاقة والحيوية النادرة. ولكن بحلول المراحل الأخيرة من هذه المباراة التي استمرت 8 جولات، بدأوا في التحرك بقلق في مقاعدهم وإطلاق صيحات الاستهجان.

وعندما طلب مقدم العرض التصفيق في النهاية، تضاعفت صيحات الاستهجان. ورغم جودة المباراتين السابقتين، اللتين كانتا رائعتين، إلا أن أغلب الحضور الذين بلغ عددهم 80 ألف شخص غادروا المكان وهم يشعرون بالظلم.

على أي حال تظل عودة تايسون كانت بمثابة الحدث الرئيسي، ولكن الأمر كان أشبه بعودة زوجين في منتصف العمر إلى المنزل، على أمل إحياء الإثارة التي سادت خلال شهر العسل.

وفي مثل هذه الظروف، فإن أفضل ما يمكن أن يأمله المرء هو شعور قصير بالإثارة، وهو ما حدث بالضبط مع عودة تايسون. وربما تتذكرون اندفاع الأدرينالين الأصلي، بل وربما تستمتعون بروحه الشبحية.