فاتح عبد السلام
لا تبدو إن هناك مؤشرات جدية وعملية لكي يكون لمصر دور عربي في قضايا ساخنة عدة ، فهي أقرب الى التسكين والحياد منها الى اعلان موقف منحاز تبنى طرفاً ضد آخر عملياً لا لفظياً ،كما في ملفات العراق وسوريا وليبيا واليمن بالرغم من كل ما يقال عن مساندة مصرية للرئيس السوري أو تأييد للحشد الشعبي في العراق أو مشاركة عسكرية لدعم خليفة حفتر في ليبيا أو المشاركة في حرب اليمن والعلاقة مع التحالف العربي هناك .
أكبر تحديين لمصر يغطيان على أي دور ممكن لها عربياً ، هما التحدي الاقتصادي الداخلي لاسيما بعد تعويم الجنيه المصري وانفجار الأسعار في وجه الطبقات ذات الأغلبية العددية محدودة الدخل.
والتحدي الثاني خارجي داخلي هو سد النهضة في اثيوبيا وانعكاساته المستقبلية على نيل مصر أو عنوان مصر الحقيقي واسمها الأبرز.
هناك مَن يقول انّ المشكلة سياسية داخلية بسبب الخلاف مع الاخوان المسلمين والموقف من رئيس سابق ورئيس لاحق ، لكن ذلك كله يمكن احتواؤه بتغيير الوضع الاقتصادي ونقل المواطن المصري من مرحلة التعب من دون ثمرة الى التعب المنتج الذي يراه في مستويات الصحة والتعليم والمواصلات والجامعات وتحسين الدخل الخاص للفرد الواحد . من هنا يكون لأمكانية المصالحة التركية المصرية وجود في المعادلة التي يقاس على أساسها الامن الاقتصادي الذي تقوم عليه أية دولة ، فتتحقق لها تلقائياً ،تجربة في السيادة فريدة أيضاً ،كما في دول آسيوية شهيرة بعضها يعاني من الازمة السكانية الضاغطة أيضاً كأندونيسيا ، وكذلك ماليزيا وسنغافورة، وهي دول لم يكن حالها قبل اربعين سنة على صلة بحالها الآن ،حيث التقدم واضح في كل شيء ، وقد تخلصت تلك البلدان من توافه السياسة المعرقلة للبناء والانتاج والنمو ، واتجهت الى حيث العمل من أجل أجيال مقبلة .
مَن يقول انه يجب أن يكون لمصر دور عربي ، فإنني اتفق معه اذا حققت مصر هذه الحصانة الاقتصادية والانتاجية و،التنموية الفعلية لنفسها لتكون بحق القوة العربية المتكاملة من حيث الفاعلية البشرية والاقتصادية ، وهذا هو أصل دورها العربي.
أما اذا كانت هي عليلة ومنهكة الاقتصاد وتعاني العجز في الموازنة والقلق واضح في شارعها وعين الإتكالية عندها مفتوحة على المنحة الامريكية ،فإن أي دور عربي لها لن يمثل ثقلها الحقيقي وسينتقص من اسمها الكبير الذي يحتاجه العرب كعمق استراتيجي بلا مزايدات ولا شعارات .
التعليقات