ياسر الغسلان

المتابع للعلاقات السعودية الأميركية منذ أن أتت الإدارة الجديدة يلحظ أن هناك تحولا لافتا في النظر للقضايا المركزية في المنطقة الشرق أوسطية، ففي وقت كانت الإدارة السابقة يشوب مواقفها كثير من التردد وعدم الوضوح، تتبع الإدارة الحالية موقفا صارما مع أهم مكونات القلق وعدم الاستقرار، وهو ما خلق شعورا بالارتياح لدى مراكز القرار في كل من الرياض واشنطن.


أوباما في تعاطيه مع إيران وملفها النووي خلق في المنطقة حالة من التوتر والتوجس، لا لكونه اتفاقا مع خصم غير مأمون الجانب، بل لأنه أعطى مجالا للدولة الفارسية ومساحة للتحرك والمناورة لم تستخدمهما في اتجاه خلق أجواء من الثقة والالتزام، كما كان يأمل الحالمون في إدارة أوباما، بل أتاحتا لها أن تقوم بالعمل باتجاه تحقيق حلمها النووي، دون أي ضغط أو مراقبة، وهو تماما الموقف الذي أصبحت كل من دول الخليج والولايات المتحدة الأميركية تراه بشكل متطابق، ومن هنا أصبح العمل بين السعودية، باعتبارها حامية للمصالح العربية في المنطقة وإدارة ترمب، أمرا في صالح الطرفين.
الإدارة الأميركية اليوم لا ترى حرجا، بل أصبحت تسمي الأمور بمسمياتها، فالحوثي الذي لا يختلف اثنان على كونه وكيلا للإيراني، طالما تحرجت إدارة أوباما من تسميته كذلك، بينما أصبح اليوم ينظر له فقط باعتباره كذلك، وبالتالي فالحرب في اليمن لا يمكن التعامل معها إلا كجزء من كونها امتدادا للتنمر الإيراني في المنطقة الناتج عن تراخي إدارة أوباما مع إيران، خوفا من انهيار اتفاقها النووي في حال قامت بالضغط عليها.
فوز ترمب والوصول إلى البيت الأبيض خلق كما يقول علي الشهابي المدير التنفيذي للمؤسسة العربية في واشنطن، نوعا من الاستقرار في منطقة الخليج العربي، لأنه أرسل رسالة واضحة لإيران بأن الوضع الآن لم يعد كما كان، فالظروف تغيرت، وحالة حرية التحرك التي تمتعت بها أيام أوباما قد انتهت.
الوهم الذي كان يسيطر على الإدارة الأميركية السابقة التي كان لها دور في خلق حالة من عدم الثقة من قبل دول الخليج باتجاه أميركا هو أنها كانت تعتقد أن إيران يمكن التفاوض معها، والاتكال عليها كشريك تفاوضي مستعد للتنازل، ما دامت أنها لا تطرح على طاولة المفاوضات أي تلميح للتحرك العسكري عبر تجييش قواتها المسلحة، في حين كان معروفا لدول المنطقة، خصوصا بعد تجربة الحرب الإيرانية العراقية، أن إيران لن تقوم مجددا بحرب تقليدية، بل قررت منذ ذلك الحين أن تحارب حلفاء العدو السابق بخلق عملاء وكلاء لها في المنطقة، مثل حزب الله والحوثيين والوفاق البحرينية، وغيرها، وهو ما تراه اليوم إدارة ترمب بشكل صريح.