سمير عطا الله
مساء الأحد الماضي قدمت قناة «إم تي في»، في سلسلة «لبنان يتذكر»، حلقة عن حسن علاء الدين، الذي عرفناه باسم «شوشو»، أعظم - مع التشديد - ممثل كوميدي شهده المسرح اللبناني. قال مؤلف معظم مسرحياته، فارس يواكيم، إن همّ شوشو الأكبر كان أن يحقق حضوراً عربياً. لكنه توفي عن 36 عاماً، قبل أن يحقق الكثير من هذا الحلم. ملأ شوشو ذاكرة لبنان المسرحية. حقق، وحيداً، ما لم تحققه المؤسسات. اجتذب إلى مسرحه السياسيين والأدباء والكبار والأطفال. وكان يكفي أن يطل على الخشبة، يخلّع نفسه مثل آلة، فالشاً شاربيه فوق وجهه النحيل، حتى ترتج الصالة ضحكاً.
قبل تصريح فارس يواكيم، لم أكن أعرف أن شوشو حلم بمدى عربي. لو حدث، لكان العرب يذكرونه اليوم مثل نجيب الريحاني. ما من بلد إلا مصر كان يمكن أن تمنح حسن علاء الدين ذلك الحجم التاريخي. لبنان، كان صغيراً على موهبته، وضيقاً على عبقريته. وقد داهمت مسرحه الحرب، كما داهمت كل فرح آخر، لكنه بقي في الذاكرة الوطنية، اسماً لا مرادف له.
كم تمنيت لو عرفه العرب. لكن شوشو غاب قبل صعود عصر التلفزيون، وبقي، للأسف، محلياً، إلا من مسلسل درامي لعب دور البطولة فيه إلى جانب محمود المليجي. وتوقعنا يومها أن يفقد شيئاً كثيراً من وهجه: أولا، في ظل محمود المليجي. ثانياً، بعيداً عن الكوميديا. لكن شوشو احتل الشاشة وفاض عنها. كان يُبكي الذين يمثلون معه، ويضحكهم، بحيث يفقدون أعصابهم على المسرح. ومن أجل مساعدتهم على التحمل وعدم الانفجار بالضحك، يعطي كل ممثل أو ممثلة، كرة صغيرة من المطاط يشد بأصابعه عليها، كي يساعده ذلك على ضبط النفس. أما المشاهدون فلم يكن يساعدهم شيء. كانت صالة «المسرح الوطني» تقوم وتقعد، والمشاهدون يخرجون من المسرح متورمي العيون من دموع الضحك.
بعد الرحابنة وفيروز، كان شوشو أفضل من يمكن أن يكون له مدى عربي: أن يُضحكَ له في المغرب وفي مصر وفي مسقط. أسطورة فنية ضاحكة مرت في سرعة وكثافة. لا أعرف شبيهاً له، إلا شارلي شابلن، الذي كان نموذجه الأول، لكن إضافة إلى الإبداع الإيمائي الساحر، كان شوشو يملك صوتاً يزكزك الخواصر، بمجرد أن يلقي التحية: كيفك يا شخص!. .
التعليقات