جيري ماهر
إن الإرهاب الذي تمارسه إيران في المنطقة العربية تحديداً، وفي العالم بشكل عام، لم يعد مقبولاً من المجتمع الدولي خصوصاً أن هذا التمادي بالقتل والإرهاب ونشر الطائفية ساهم إلى حد كبير بخلق بيئة حاضنة للتنظيمات المتطرفة وشق صفوف كانت يوماً ما موحدة وغير متناحرة،
تعايش فيها المسلمون سنة وشيعة بسلام وهدوء حتى تدخلت إيران ناشرة ثقافتها التحريضية والطائفية الحاقدة بشعارات خبيثة تحرض فئة على أخرى، فتحول الشرق الأوسط من بيئة متماسكة داعمة للقضية الفلسطينية وتعتبرها مركزية إلى مجتمعات مقسمة وممزقة متناحرة، فريق فيها يسعى للانتقام لآل البيت والفريق الثاني ضحية هذه الأفكار السوداء التي خرجت من سراديب مظلمة من منبع الإرهاب والتطرف «قم».
بعد انتخاب الرئيس ترمب عمل مقربون منه بشكل جدي على البحث والتحري عن أسباب الخلل، وأسباب تفشي الإرهاب والمخدرات والاقتتال والدمار وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط، وكانت النتيجة واحدة دائماً أن وراء كل ذلك إيران وحرسها الثوري المصنف على أنه إرهابي، بالإضافة إلى ميليشيات أخرى كحزب الله والحوثيين وفصائل مرتزقة شيعية عراقية تعمل لخدمة مشروع الولي الفقيه على حساب شعوبها وأمن الدول العربية. فقرر الرئيس ترمب الاجتماع مع قادة من الشرق الأوسط كان من أبرزهم الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي، وسمع منه صراحة كيف تقوم إيران بالتحريض على المملكة والدول العربية والإسلامية، وكيف ساهمت بتمويلها للإرهاب في زعزعة أمن المنطقة وزيادة التعصب الطائفي فيها والاقتتال والدمار الذي تعتقد مراجع قم الشيعة أن بكثرة هذا القتل والدمار يتم التسريع بخروج «المهدي» من سردابه ليقود الشيعة في حربهم التي يزعمون.
كان الرئيس ترمب منصتاً باهتمام إلى ما حمله ولي ولي العهد، وأكد له أن أميركا في ظل إدارته لن تقبل بأي شكل من الأشكال بما تغاضت عنه إدارة أوباما المخترقة من قبل اللوبي الإيراني، وأن زيارته الأولى للمملكة ستحمل برنامجاً واضحاً لمواجهة التمدد الإيراني ودعم تشكيل قوات عربية لمواجهة إيران عسكرياً إن لزم الأمر، فلا يمكن للرئيس ترمب أن يقبل باستفزاز إيران للسعودية وهي حليف استراتيجي للولايات المتحدة الأميركية، ولن يقبل أن تتعرض المملكة لقصف بالصواريخ التي ترسلها إيران للحوثيين وتحرضهم على استخدامها ضد مدن سعودية، وقالها ترمب صراحة لزواره من الشرق الأوسط إن ما تحاول إيران فعله في البحرين وسورية واليمن وحتى العراق غير مقبول، ويجب العمل على وقفه بشكل سريع، ومساعدة العرب على تشكيل تحالف تقوده المملكة العربية السعودية لمواجهة ووقف الأخطار والطموحات الإيرانية، فوافقت مصر والأردن ودول الخليج العربي وغيرها من الدول على المشاركة في هذا الحلف لدرء الأخطار التي تحيط بالوطن العربي من الجانب الإيراني ومن جانب التنظيمات الإرهابية أيضاً.
إن مهمة أي قوات عربية يتم تشكيلها في المرحلة القادمة لن تكون ببساطة للعروض العسكرية والمناورات بل ستسهم بشكل كبير في حماية المناطق السورية الآمنة، وإعادة الشرعية لليمن وحماية استقرار البحرين وحدود السعودية، والبدء بدعم تحركات عرب الأحواز والمقاومة الإيرانية ضد نظام الملالي، وقد تحدث ولي ولي العهد صراحة عن نقل المعركة إلى داخل حدود إيران التي كانت تسعى خلال السنوات الأخيرة إلى إشعال المنطقة العربية والاصطدام بالدول العربية في سورية والعراق واليمن والبحرين وبيروت، لتبقى عاصمتها ومدنها بأمان، وتبقى عواصمنا تحت الدمار تتمزق بالاقتتال بين أبناء المجتمع والدين والعرق الواحد، خدمة لنظام يحاول قادته تصديره للعالم العربي والإسلامي.
التصدي لإيران في المرحلة المقبلة يتطلب تقديم كافة الدعم المالي والعسكري للمقاومة الإيرانية والعرب في الأحواز، حيث زادت معاناتهم من بطش النظام وقوات الباسيج الإرهابية التي تعتقل كل من يخالفهم بالرأي، ويرفض حتى المشاركة في الحرب ضد الشعب السوري واليمني، ولا يمكن اليوم إلا أن نكون أساس الدعم لكل ما يعيق تقدم مشروع إيران الطائفي في المنطقة وحصارها سياسياً واقتصادياً، ووقف استيراد أي بضائع إيرانية إلى الدول العربية فتساهم الحكومات بحصار اقتصادي ثم سياسي يقود إلى تحريك الشارع ودعمه في مواجهة النظام، والعمل على إسقاطه، فيذوق خامنئي ما أذاقه للشعوب العربية من قتل وتدمير وتهجير واحتلال.
لينتظر العالم العربي زيارة الرئيس دونالد ترمب إلى المملكة العربية السعودية ولنتابع تصريحاته هناك ولقاءاته مع قادة عرب ومسلمين، ولننتظر تصريحاته أيضاً من إسرائيل، حيث ستكون له تصريحات متممة لما سيطلقه في السعودية.
نعم إن المملكة العربية السعودية أولاً لأنها المركز القيادي للعالمين العربي والإسلامي، وهي التي تستضيف الملايين من الزوار بشكل سنوي لبيت الله الحرام، فلا يمكن أن تتم أي اتفاقات أو خطط دون موافقتها ودعمها، وهذا ما قاد الرئيس ترمب إلى زيارتها في أول زيارة خارجية له، ما اعتبره شخصياً أمراً عظيماً لأنه يدرك أهمية وحجم المملكة وشعبها وقوة اقتصادها وجيشها وحنكتها في السياسة الداخلية والخارجية، ومعها سيكون بناء قوات عربية لمواجهة إيران أمراً يسيراً لن يعوقه شيء.
التعليقات