جاسر عبدالعزيز الجاسر

 أصدق الأقوال ما تطابق مع الأفعال، هذا القول الحاكم يلجأ إليه حكماء العرب وقضاتها للحكم على صحة ما يتبادله المتقاضون، وهو قياس حاكم لا يمكن أن يتسرب إليه شك.

بهذا المفهوم وفي سياق هذه الحوكمة نخضع أقوال أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد، وعلى ضوء قياس الضوابط يتضح صحة ما تقوله الجهات الرسمية القطرية من أن موقع وكالة الأنباء القطرية التي بثت أقوال الشيخ تميم، قد اخترق وأن ما بثته لم يكن صحيحاً وأن تلك الأقوال مختلقة.

النفي أو التنصل مما نسب إلى الأمير جاء بعد أكثر من ساعة، كانت أقوال الأمير تبث وتذاع في جميع المحطات التلفازية والإذاعية القطرية، بل أقوال الأمير ترجمت إلى اللغة الإنجليزية وبثت عبر محطة الجزيرة الإنجليزية، فضلاً عن نشر مقاطع من تلك الأقوال على الشريط الذي تظهره محطات التلفزيون لتنبيه المشاهدين.

عن الاختراق الإلكتروني لموقع وكالة الأنباء القطرية، يستغرب الكثير من «المهنيين» في الإعلام أن يتم اللجوء إلى هذا العذر، فكل من يعمل في الإعلام يعلم ويعرف أن وكالات الأنباء يرأس «ورديات» التحرير فيها أشخاص متمرسون ليس فقط في التحرير والعمل الإعلامي بل أيضاً في الفهم السياسي وأكثرهم لهم باع طويل في التعامل مع التصريحات وخطب كبار المسؤولين ولا بد من أن الذي يحرر ويأمر ببث أقوال وتصريحات أمير البلاد وأهم شخص في الدولة، يكون قد أخذ الإذن من الجهة المسؤولة، وهنا يجب موافقة الديوان الأميري القطري في بث التصريحات وهو ما يجب أن يكون موقف المسؤولين عن محطات التلفزيون وهو إجراء تقوم به جميع محطات التلفزيون في الدول العربية وليس قصراً على قطر، ومن أعطى الإذن ببث التصريحات تلفزيونيا ويوجهه بترجمتها وبثها على المحطة الإنجليزية مقتنع تماماً بأنها تتفق مع مواقف قطر من القضايا التي أعطى الأمير رأيه فيها. وهذا ما جعل الكثير من المتابعين ومن الخليجيين وبالذات الدول التي وجهت إليها الإساءات يتساءلون ماذا تريد قطر من وراء إطلاق هذه الزوبعة، وهل يقتنع من صاغ قصة الاختراق الإلكتروني أن أهل الخليج إلى هذه الدرجة من السذاجة ليصدقوا «حدوتة الاختراق»، خاصة أن أقوال الأمير تتطابق مع أفعال قطر تجاه كل ما ذكر.

الخليجيون يتساءلون ولهم الحق في ذلك لمصلحة من تعمل قطر لتفجير الأوضاع في مملكة البحرين ودولة الإمارات ودولة الكويت والمملكة العربية السعودية، وقولها إن إيران التي يدير الحكم فيها ملالي إيران قوة استقرار وسلام في المنطقة، وأن ليس من الحكمة مواجهتها وهي الدولة التي تدعم منظمات وميليشيات إرهابية طائفية وتسيطر على ثلاث دول وتحاول احتلال دولة رابعة هي اليمن عبر ميليشيات إرهابية كان لها تعامل سابق وحظيت بدعم قطري، إذ حظي «الحوثيون» الذراع الإرهابية الإيرانية في إيران بدعم من حكومة قطر في المواجهات والمعارك التي خاضها الجيش اليمني، كما يتساءل الخليجيون عن جدوى اجتماع وزير خارجية قطر في بغداد مع مهندس الإرهاب الإيراني قاسم سليماني، وما بحث في ذلك الاجتماع ومن الهدف القادم، ألا يعلم القطريون أن قاسم سليماني هو من يدير الأذرع الإرهابية الإيرانية التي تدير عمليات الإرهاب في البحرين والقطيف بالمنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية، واليمن وسوريا والعراق ولبنان هو من اجتمع به في بغداد.

احتضان ودعم الإخوان المسلمين وتوفير مكان آمن لهم ولقياداتهم ودعمهم مالياً وإعلامياً ألا يتطابق مع أقوال الأمير.

سلب منظمة التحرير الفلسطينية صفة الشرعية التي التزم بها العرب جميعاً والدول الإسلامية وحتى الأمم المتحدة، كممثل وحيد للشعب الفلسطيني، ومنحها إلى حركة حماس التي تحيط بها الشكوك ألا يتطابق هذا مع ما تقوم به قطر ويتوافق مع أقوال الأمير.

وزن إيران ودور حزب الله اللبناني الذي يقف وراء الأعمال الإرهابية التي تنفذ في الدول الخليجية «شقيقة قطر» وتزكيته كحزب مقاومة فيما يصفه الخليجيون والأسرة الدولية كميليشيا إرهابية ألا يتطابق مع أفعال قطر وأقوال الأمير، وتاريخ قطر في دعم هذا الحزب الإرهابي طويل ولا حاجة لإيراد كل ما قامت به قطر لمساندة هذا الحزب الإرهابي.

كثير من تطابق الأفعال مع الأقوال ولم نرد ما تقوم به قطر من تعاون وتعامل مع إسرائيل فذلك يحتاج إلى حيز أكبر، ولكن مع مستشاري أمير قطر الذين ورطوه في هذه السقطة أن يبحثوا عن عذر على الأقل يحترم عقول المتلقين فأهل الخليج أكثر وعياً ووطنية ممن يديرون مؤسسات قطر الإعلامية ومعظمهم من غير الخليجيين.