FINANCIAL TIMES
كيت ألين
بدأ المستثمرون الأخلاقيون اكتشاف أن اللون الأخضر ليس اللون الوحيد عندما يتعلق الأمر بشراء السندات.
شهدت سوق السندات الخضراء ازدهاراً في العقد الماضي، لكن الآن مجموعة من المنتجات المالية الأخرى بدأت تظهر، واعدةً بمعالجة القضايا الاجتماعية التي تشمل التشرد، والحصول على التعليم، والمياه النظيفة، ومنع الجريمة، ومساعدة الأطفال المحرومين.
ظهورها وضع أمام المستثمرين تحدياً لتمييز الفعالية الحقيقية عن مجرد التسويق الخالص، وأدى في الوقت نفسه إلى موجة من الجهود لوضع معايير لها.
السوق لا تزال صغيرة - وفقاً لأرقام من شركة تزويد البيانات "ديلوجيك" تم إصدار 3.5 مليار دولار من السندات الاجتماعية في الربع الثاني من عام 2017 - لكن هذا كان أفضل ربع على الإطلاق وأكثر من ضعف الرقم القياسي السابق.
هذا الاتجاه العام يعد جزءا من تحوّل أوسع من قِبل مستثمري السندات لاتباع خُطى جهود المساهمين طويلة الأمد للضغط من أجل الاستثمار الأخلاقي.
يقول لي كومبيس، رئيس سندات القطاع العام لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، في "باركليز"، الذي يقدم النصح والمشورة لعدد من الجهات المصدرة للسندات الاجتماعية: "تحوّلات مواقف الأجيال، إضافة إلى الشفافية وزيادة اختيار المنتجات الاستثمارية، يعني أن الناس قادرون على التعبير بشكل أفضل عن آرائهم الشخصية (عند الاستثمار)".
"أصبح الناس يُدركون على نحو متزايد قوتهم بوصفهم مستهلكين، مع وصول غير مسبوق للمعلومات وإلى ديناميكيات جديدة في بناء اتجاهات الاعتقاد".
هذا الاتجاه مدفوع من المؤسسات الاستثمارية، مثل صناديق التقاعد وشركات التأمين، التي تُريد أن تعرف أن أموالها تُستخدم لأغراض أخلاقية. شركة التأمين "سويس ري" حوّلت أخيرا محفظتها الاستثمارية التي تبلغ قيمتها 130 مليار دولار إلى معايير أخلاقية.
بالنسبة للمُصدّرين، الجاذبية واضحة: الصفة الاجتماعية تمنحهم القدرة على الوصول إلى مستثمرين جُدد.
المصرف الهولندي "إن دبليو بي"، المملوك للدولة، أصدر في أيار (مايو) من هذا العام السندات الاجتماعية الأكبر حتى الآن، جامعا 2.2 مليار دولار لإقراض مشاريع إسكان بأسعار ميسورة.
يقول توم ميوسين، مدير عام الخزانة في المصرف، إن استخدام هيكلة السندات الاجتماعية منح "إن دبليو بي" إمكانية الوصول إلى مجموعة جديدة من المستثمرين الذين لم يدعمون سنداته.
ويضيف "بالتأكيد ما كان بمقدورنا أن نجمع هذا القدر من المال بهذا التسعير الجيد بدون صفة السندات الاجتماعية".
لكن هذه التسمية تأتي أيضاً مقابل تكلفة: السندات يجب أن يكون أداؤها اجتماعياً، فضلاً عن الأداء المالي.
واضطر "إن دبليو بي" إلى وضع نظام مراقبة مالية وإطار عمل للإقراض يعمل على تتبع عائدات السندات ويفسر للمستثمرين ماذا سيفعل بها. وسيُقدّم المصرف أيضاً تقارير سنوية للمستثمرين بالمشاريع التي يموّلها وبأدائها.
الحاجة إلى قياس بيانات الأداء والإبلاغ عنها يعني أن بعض مستثمري السندات الاجتماعية القدامى لديهم عمليات التقييم الخاص بهم.
شركة إدارة الاستثمار "راثبونز إيثكال بون فند"، ظلت تعمل على مدى 15 عاماً - قبل فترة طويلة من معرفة التسمية على نطاق واسع - وتملك فريق عمل يُحدد الفرص الاستثمارية ويُراقب التأثير الاجتماعي بمجرد إصدار السندات. وتُدير "راثبونز" أيضاً محافظ اجتماعية مؤسسية، بما في ذلك "بيج سوسايتي كابيتال"، وهو صندوق استثمار مستقل أسسه ديفيد كاميرون، رئيس وزراء بريطانيا السابق، لتطوير التمويل الاجتماعي.
برين جونز، مدير الصندوق، قال في الوقت الذي تُصبح فيه صفة السندات الاجتماعية أكثر شعبية سيحتاج المستثمرون إلى توخي الحذر في وضع أموالهم.
ويضيف: "كثير من شركات (إدارة الصناديق) الكبيرة تدخل السوق الآن، لكن يوجد خطر هنا". ويتابع: "بعض الناس يُريدون أن يكون لهم تأثير فضلاً عن كونهم يتصرفون من خلال عوامل أخلاقية، بينما آخرون يُركزون على أي ائتمان هو أكثر أخلاقية من الآخر ضمن قطاع معين. مثلا، سيختارون بين بريتش بتروليوم وشل، أو بين جلاكسو سميث كلاين وأسترازينيكا، بينما نحن لن نحتفظ بأي منهما".
في الوقت الذي ينمو فيه التمويل المفيد اجتماعياً، كذلك ينمو الطلب من المستثمرين على قدر أكبر من توحيد المعايير. وفي هذا السياق أطلقت الجمعية الدولية لأسواق رأس المال في الشهر الماضي مجموعة من مبادئ السندات الاجتماعية، أملا في جعل السوق سهلة الوصول أكثر. ويرى كومبيس أن مثل هذه الأُطر "ينبغي أن تساعد في بناء حجم السوق".
نيكولاس بفاف، المدير الأول في "أي سي إم أيه"، يقول: "يُمكن اعتبار كثير من المشاريع اجتماعية - بالتالي نحن في حاجة إلى التوصّل إلى تعريف المشروع الاجتماعي".
تعريف أي سي إم أيه" يتطلب من المُصدّرين أن تنطبق عليهم معايير واحد من عدد المواضيع، وتحديد السكان المستهدفين الذين يسعون إلى إفادتهم.
لكن بفاف يقول إن أي مجموعة من المعايير لا ينبغي أن تكون إلزامية للغاية. "سيكون هناك تنوع في الآراء على جانب الشراء حول ما هو مرغوب".
ومن حيث الحجم، هو متفائل بأن سوق السندات الاجتماعية يُمكن في النهاية أن تتجاوز سوق السندات الخضراء - أو ربما السندات الخضراء سيُنظر إليها على أنها مجرد مجموعة فرعية واحدة من سوق الاستثمار الاجتماعي الأوسع.
يقول جونز: "في البداية، عندما بدأنا، كان المستثمرون يقولون: لماذا أرغب في الاستثمار في هذا، وأُخاطر بأنك ستُحقق أداءً ضعيفاً؟ هذه الوصمة اختفت الآن. بدلاً من ذلك يقول الناس الآن: إذا كان يُمكنني الحصول على العوائد، عندها لماذا لا أرغب في الجانب الاجتماعي أيضاً؟".
التعليقات