أحمد أميري
هناك دعاية تقول إن الدول الغربية، وبعد تلاشي الخطر الأحمر وزوال الشيوعية، كانت بحاجة إلى عدو تخيف به شعوبها، فوقع اختيارها على الإسلام والمسلمين، وهو ما يطلق عليه مسمى «الإسلاموفوبيا»، لكن المفارقة أن الدول الغربية المتهمة بتخويف شعوبها، لم تستثمر هذا الخوف!
لم يفعل الغرب ذلك لأن «الإسلاموفوبيا» وهمٌ تروج له جماعات الإسلام السياسي، خُدع به حتى بعض الغربيين، فلو كان هناك رهاب، لكان له مظاهر، لكننا على العكس، نرى الشواهد على أن الغرب لا مشكلة لديه مع الإسلام والمسلمين، وإذا كان ثمة خوف، فهو خوف مبرر من الإسلام السياسي، وليس رهاباً مرضياً.
يمكن الادعاء بأن هناك إسلاموفوبيا في الغرب لو كان طلبة المدارس يلقنون كراهية المسلمين، وكان أرباب الأسر يوصون أولادهم بعدم تهنئة المسلمين بأعيادهم، وكان يُحظر بناء المساجد والمدارس الإسلامية، وكانت تُجرّم الدعوة الإسلامية، وكان محظوراً على الغربيين اعتناق الإسلام، وكانت الجامعات الغربية خالية من الدراسات المتعلقة بالحضارة الإسلامية.
ويمكن ادعاء وجود رهاب من الإسلام لو كانت الأنظمة الغربية تميّز ضد مواطنيها المسلمين في الحقوق والامتيازات والفرص، وتمتنع الدول الغربية عن استقبال لاجئين مسلمين، تمنحهم بعد مضي بعض الوقت حقوق المواطنة، وكان «السيستم» يحول دون تبوؤ المسلم هناك المراكز القيادية، وكان القادة الغربيون يمتنعون عن مشاركة مواطنيهم المسلمين مناسباتهم.
ويمكن الادعاء بذلك لو كانت هناك حالات اعتداء كبيرة على مسلمين في الدول الغربية، وكانت المساجد والمراكز الإسلامية تتعرض للتدمير المستمر، وكانت السلطات تمنع المسلمين من الخروج في مظاهرات تطالب بتطبيق الشريعة، وكانت أجهزة الأمن تحقق معهم بشأن معتقداتهم.
نعم هناك خوف لدى بعض الغربيين من الجماعات الإسلامية المؤدلجة التي تعادي الحضارة الغربية التي تعيش في كنفها، وتسير خلف أوهام السيطرة وإقامة دولة الخلافة، والخوف من هؤلاء المجانين مبرر ومنطقي، بل إن الغرب غضّ الطرف عن هؤلاء طويلاً، ولم ينتبه إليهم إلا بعد أن ضربوا أوروبا.
أما الرهاب (الفوبيا) فهو الخوف الشديد من أمر دون أسباب منطقية لهذا الخوف، ولتوضيح الفكرة فقط، فمن يطلع على نشرات الأخبار التي تؤكد أن ثمة ذئاباً طليقة تتجول في أنحاء المدينة، لا يوصف بأنه مصاب برهاب الذئاب إذا انتابه خوف شديد من الخروج من البيت، بل خوفه في هذه الحالة مبرر ومنطقي، بل إن عدم خوفه من الخروج من البيت تهوّر ومن قبيل إلقاء النفس إلى التهلكة.
وفي المقابل، يكون الشخص مصاباً برهاب الذئاب إذا كان يشعر بخوف شديد من زيارة حدائق الحيوانات، لأن ثمة ذئاباً هزيلة فيها، إذ خوفه قائم على أسباب غير منطقية، ففضلاً عن أن الذئاب محبوسة في أقفاص حديدية، فآلاف الأشخاص يتردّدون على الحديقة سنوياً، خصوصاً إذا لم تكن الحديقة قد شهدت حالات لهجوم من الحيوانات.
الرهاب له أعراض، ولا توجد أعراض حقيقية للإسلاموفوبيا، والأمر مجرد حيلة من حيل تنظيمات الإسلام السياسي في الغرب لاستعطاف الغربيين، والحصول على المزيد من الامتيازات، وإدامة السيطرة على المسلمين في الغرب، عبر تخويفهم والحيلولة دون اندماجهم في مجتمعاتهم، ليسهل استعمالهم في خدمة المشروع الإسلاموي.
التعليقات