وسام أبو حرفوش
لم يَصدر في لبنان أيُّ موقفٍ رسمي أو سياسي من الرسالة «الشديدة اللهجة» التي تَبلّغتْها حكومته من الكويت وطالبتْها بـ «ردْع ممارسات حزب الله» (كأحد مكوناتها) وأدواره في «تهديدِ أمن الكويت واستقرارها»، وتَدخُّله «السافر والخطير في شؤونها»، قبل أن تعلن أنها في انتظار إفادتها بـ «الإجراءات الرادعة» ضدّ «حزب الله» ليبنى على الشيء مقتضاه في شأن العلاقة بين البلديْن الشقيقيْن.
ففي بيروت، التي بدتْ كمَن يدفن رأسه في الرمل، لا صوت يعلو فوق خطّ «التسوية السياسية» التي سلّم الجميع بموجبها بـ«الإمرة الاستراتيجية» لـ«حزب الله» وأدواره العابرة للحدود، بعدما أَمْلتْ عليهم «الواقعية» ربْط النزاع مع الناظِم السياسي - الأمني في البلاد، و«التفرغ» للعبةِ احتساب «الأصوات التفضيلية» في الانتخابات «المحتملة» في مايو 2018، والانخراط بمعارك هامشية هدفها تكبير الأحجام في السلطة الممْسوكة.
ورغم أن لبنان الرسمي لاذَ بالصمت حيال الوقائع الصادمة التي أظهرها حكم محكمة التمييز في الكويت حول تَورُّط «حزب الله» و«الحرس الثوري» في ما عُرف بـ «خلية العبدلي» الإرهابية، فإن لبنان - السواد الأعظم - بدا في «مكانٍ آخر» وهو الذي اختبر أدوار الكويت كـ «خيْمةٍ» للوحدة الوطنية اللبنانية منذ دور أميرها الحالي الشيخ صباح الأحمد في صنْع سلام لبنان إبان اتفاق الطائف وحتى آخر مشروعِ دعمٍ على مساحة الـ10452 كيلومتراً مربّعاً.
وتتّجه الأنظار إلى السبل التي سيعتمدها لبنان لصون علاقته التاريخية والمميّزة مع الكويت «الدولة العاقلة»، حسب وصْف أحد السياسيين اللبنانيين، والحؤول دون انتكاسةٍ مماثلة لتلك التي عصفتْ بالعلاقة مع المملكة العربية السعودية ودول خليجية أخرى في العام 2016، بعدما خرَج لبنان عن الإجماع العربي في إدانة حرق السفارة السعودية في طهران.
وثمة خشية لدى أوساط واسعة الإطلاع في بيروت من دفْع لبنان أثمان خطرة جراء أدوار «حزب الله» في دول المنطقة. فالرسالة غير المسبوقة من الكويت التي ألمحت إلى إمكان إعادة النظر بالعلاقة مع لبنان، ربما تكون أول الغيث في مسارٍ قد يؤدي الى فتْح «الصندوق الأسْود» لتدخّلات الحزب المماثلة في غير مكانٍ كالإمارات والسعودية والبحرين وسواها.
وأكثر المفارقات إثارةً للانتباه في التطور غير المسبوق الذي عكستْه رسالة الكويت الى الحكومة اللبنانية ان الكويت التي تلعب دور الإطفائي في الأزمة بين قطر والدول الأربع (السعودية والامارات ومصر والبحرين) وتتّجه الى كسْر المأزق بعدما احتشد العالم بأسره خلف وساطتها، اضطرّت لخلع القفازات الديبلوماسية للقول للبنان «طفح الكيل نريد أفعالاً لا أقوالاً».
وبدتْ الكويت، التي كانت أمْهلت السفير الإيراني لمغادرة أراضيها بالتزامن مع الرسالة الشديدة اللهجة إلى لبنان، وكأنها أعادتْ استحضار الذاكرة المأسوية عن أحداثٍ سود حلّت بها مع بداياتِ «تصدير» المشروع الايراني الى المنطقة، على غرار سلسلة التفجيرات التي ضربتْها العام 1983 وخطف الطائرة الكويتية والهبوط بها في طهران للضغط بغية الافراج عن مصطفى بدر الدين وآخرين، ومحاولة اغتيال الأمير الراحل جابر الأحمد منتصف 1985 وخطْف لبنانيين من «حزب الله» العام 1988 طائرة كويتية آتية من بانكوك.
واللافت في هذا السياق كان ما أبلغتْه شخصية ديبلوماسية خليجية لصحيفة «النهار» اللبنانية عن توقُّعاتٍ بوضع ملف لبنان على الطاولة بعد الانتهاء من الأزمة مع قطر، معتبرة أن الوضع أخطر مما يعتقده البعض، ومتحدّثةً عن «توجه خليجي عام بالتناسب مع اتجاهات الادارة الاميركية الجديدة الى فتح ملف لبنان وحزب الله»، مرجّحة ان «يبلغ الخطر ذروته بعد الانتخابات النيابية في 2018 والتي سيفوز فيها حزب الله بغالبية مريحة».
ومن الواضح انه رغم المساعي التي سيبذلها رئيس الحكومة سعد الحريري في واشنطن للحدّ من تأثيرات الاجراءات الاميركية ضد «حزب الله» على الواقع اللبناني، فإن المزاج الاميركي - الدولي لن يكون مساعداً، وخصوصاً ان الاميركيين سيتعاطون مع الحريري، حسب مستشار الرئيس دونالد ترامب للشؤون الخارجية إبان حملته الانتخابية وليد فارس كـ «ضحية لحزب الله الذي قتل والده (رفيق الحريري) أو دبّر المؤامرة لاغتياله، كما أنه حاصره (في مايو 2008)».
وتتزامن الزيارة التي بدأها الحريري للولايات المتحدة ويلتقي خلالها الرئيس ترامب بعد غد الثلاثاء مع مجموعة من الإشارات البالغة الدلالة، لا سيما بدء مسار تشديد العقوبات المالية ضدّ «حزب الله» في الكونغرس وتصاعُد حدّة اللهجة الأميركية والدولية (مجلس الأمن) إزاء سلاحه.
خارجياتمع ازدياد حدّة التوتر إثر التدابير الأمنيّة التي فرضتها إسرائيل في محيط المسجد الأقصى، كشفت مصادر مطلعة انه تم تشكيل لجنة اسرائيلية - أردنية مشتركة، تضم ممثلين عن دائرة الاوقاف الاسلامية في القدس لمناقشة ترتيبات أمنية متفق عليها في المسجد، فيما قتَلَ فلسطيني ثلاثة إسرائيليين في هجوم بسكّين، ليل اول…
التعليقات