سمير عطا الله
قبل سنوات، قدّم ويليام توبمان للعالم أفضل سيرة عن نيكيتا خروشوف، أول زعيم إصلاحي في مسيرة الاتحاد السوفياتي. الآن يقدم ما قد يكون أعمق سيرة لآخر زعيم إصلاحي بين السوفيات: ميخائيل غورباتشوف. معه انهارت دولة لينين وستالين، وانتهت الحرب الباردة. وخرج الروس من أفغانستان.
وصل غورباتشوف إلى الحكم العام 1985، وعندما غادره العام 1991. كان جدار برلين قد سقط، وأوروبا الشرقية قد دخلت العصر الديمقراطي، فيما كان في المقابل، ممثل فاشل يدعى رونالد ريغان يدخل التاريخ كأحد أنجح رؤساء أميركا.
لم يكن ميخائيل غورباتشوف يريد إسقاط الشيوعية، كان يريد إصلاحها خوفاً من أن تنهار. وكان يريد أن يمنحها رئة تتنفس بها، هو الذي نشأ ليرى جده لأبيه وجده لأمه معتقلين في سجون ستالين. وفيما كان ستالين يوسع السجون، كانت النازية تدك روسيا وكرامتها. في تلك الأيام بدأ يحلم بعالم مختلف.
ولد غورباتشوف العام 1931 في قرية بريفولون في شمال القفقاس لعائلة فلاحين. غير أنه انكب على التحصيل العلمي حتى تخرج من جامعة موسكو الرسمية. وهناك التقى طالباً تشيكياً يدعى زدنك ملينار، سوف يصبح العام 1968 أحد قادة «ربيع براغ». ربما منذ أيام الدراسة في الخمسينات، بدأ الطالبان يحلمان بشيء من «ربيع براغ».
لذلك، عندما خرجت أوروبا الشرقية تهتف للحرية، لم يرسل إليها أرتال الدبابات كما فعل ليونيد بريجينيف العام 1968. بل ترك الإمبراطورية تتفكك من دون نقطة دماء، بينما ملأت الدماء الأرض من الهند إلى الجزائر أثناء تفكك الإمبراطورية البريطانية والفرنسية.
لا تنتهي الأشياء دوماً مثلما تبدأ. النازية بدأت مشروعاً مثالياً. والشيوعية بدأت في كتابات ماركس حلماً نموذجياً. وانتهت كل منهما في المنافي والسجون والحروب والموت الجماعي. لذلك، لم يدُر في خلد غورباتشوف أن الانفتاح الذي بدأه سوف يتحول إلى انهيار كامل.
وقد اكتشف أن الشعب الذي أراد له الحرية وحياة أفضل، لم يكن يحبه. فقد نال 0,5 من الأصوات أمام منافسه على الرئاسة بوريس يلتسن. ومع الأخير انفلت الاتحاد الروسي إلى الفوضى والفساد والسرقات. ومن ثم جاء بوتين فأعاد ضبط البلاد، لكنه أعادها أيضاً إلى الحكم الفردي الذي حاول غورباتشوف تحرير البلاد منه بعد قرون من القياصرة البيض، ثم الجلادين الحمر.
التعليقات