3 مدارس فكرية لتجنيد الإرهابيين بمواقع التواصل و5 فئات لشيوخ الإنترنت

الرياض: سليمان العنزي


كشف تقرير المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، وجود 3 مدارس فكرية مهيمنة على الخطاب الفكري الإسلامي لتجنيد الإرهابيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي هي: «الخطاب التقليدي، والخطاب الحركي، والخطاب المتشدد».


كما قسم المركز الشخصيات الإسلامية المؤثرة في الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي إلى 5 أنواع، عرفهم المركز بـ«شيوخ الإنترنت»، من أبرزهم شخصيات يمجدون ويتبنون الفكر المتطرف علانية، وشخصيات محسوبة على الفكر الإسلامي تثني بشكل حذر على بعض الشخصيات المتطرفة، وآخرون يتفقون مع أصحاب الفكر المتطرف في الرؤية ويخالفونهم أحيانا في الأسلوب، في خطاب مراوغ خاصة في سنوات المد المتشدد الأولى بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وشخصيات تنتقد الفكر المتطرف للتهرب من تهم التحريض تارة وتارة أخرى بسبب الاستفادة من التحولات السياسية والاجتماعية.

تمجيد رموز الفكر المتطرف
أشار المركز في سياق تقرير أعدته وحدة الدراسات والتقارير، إلى أن بعض شيوخ الإنترنت اشتهروا من خلال رسائلهم المتشددة وفتاواهم المنتشرة على أكثر من موقع لتلاميذهم ومريديهم، بتمجيد وتبني فكر رموز الفكر المتطرف، على ضفة أخرى من الشبكة توجد مواقع وشخصيات محسوبة على الفكر الإسلامي تثني بشكل حذر على بعض الشخصيات المتطرفة، وتعاتبها بشكل محدود وفي جزئيات لا تتضح معالمها، في حين نجدها تتفق معها في الرؤية وتخالفها أحيانا في الأسلوب في خطاب مراوغ خاصة في سنوات المد المتشدد الأولى بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر حتى نهاية عام 2006، ثم بدأت تظهر أصوات جريئة تحت ضغط الخوف من تهم التحريض تارة وتارة أخرى بسبب الاستفادة من التحولات السياسية والاجتماعية.

في إطار بعض الدراسات التي أجريت في هذا الخصوص أمكن تمييز ثلاثة مدارس فكرية مهيمنة على الخطاب الفكري الإسلامي لتجنيد الإرهابيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي على النحو الآتي:
1. الخطاب التقليدي: تنتجه مدرسة فكرية عادة ما تكون تابعة لمؤسسات رسمية أو شبه رسمية أو لشخصيات ورموز فكرية إسلامية ذات خط فكري محافظ، ويمكن ملاحظة حضورها من خلال مواقع ومنتديات إلكترونية تتسم بوجود أطروحات فكرية يغلب عليها الهدوء والتركيز على مسائل التأصيل العقدي والفتاوى ولا تتطرق بشكل واضح إلى بعض الإشكاليات العصرية، خاصة تلك التي تتعلق بالقضايا السياسية الشائكة أو ما يختص بالجدل الدائر مع الآخرين من غير المسلمين مع وضوح لغة إقصائية قوية مع المخالفين، خاصة من تسميهم هذه المدرسة «بالحزبيين» من الحركيين من الجماعات الإسلامية.

2. الخطاب الحركي: من إنتاج بعض المجموعات الفكرية وثلة من المفكرين الإسلاميين الناشطين الذين اتجهوا إلى الإنترنت كوسيلة إعلام متاحة ووجدوا فيها مجالاً للحركة ونشر أفكارهم التي تتميز عادة ببعض الجرأة والكثير من مؤشرات الانخراط في القضايا السياسية، وفق منهج توفيقي فيه قدر من التصالح والسياسة غير متضح الملامح مع المخالفين من أصحاب المدارس الفكرية الأخرى، ويلاحظ في حوارات منتسبي هذه المدرسة الاكتفاء بالتلميح – مدحاً أو قدحاً – عند ذكر الأنظمة والرموز السياسية القائمة، مع حرصهم على الحفاظ على كثير من الخطوط الفكرية المشتركة مع علماء المدرسة التقليدية.

3. الخطاب المتشدد: ينطبق وصف الخطاب المتشدّد - هنا - على أطروحات مجموعات انتهجت المصادمة الفكرية والعسكرية مع مجتمعاتها، وتتضح خصائص منهج المتشددين هنا من خلال مواقعهم ومنتدياتهم وإنتاج بعض المدافعين عنهم، الذين يتسمون بخطابهم التصادمي الرافض للواقع بلهجة حماسية تعتمد التأثير العاطفي وبعث الحماس والغيرة لدى الشباب، وقدمت مواقع التواصل الاجتماعي لهذه الجماعات خدمة كبرى كونها المنفذ الوحيد للتواصل والاتصالات مع المتعاطفين والأنصار وغيرهم.


اختيار الموضوعات الانفعالية 

تتميز لغة الخطاب في منتديات ومواقع هذه الجماعات بالحدة والانفعال مع الخصوم، وتهيمن على موضوعاتهم لغة انفعالية عاطفية لا تقبل المخالف ولا تحاوره وفق منهج يتسم بالتحدي والإثارة، وفي معظم الطرح الفكري لبعض هذه الجماعات يمكن ملاحظة الكثير من مؤشرات السذاجة السياسية وعدم الكفاءة الفكرية، في قراءة حقائق الواقع السياسي والعسكري في العالم، وتعد هذه الجماعات أنشط مجموعات الإنترنت الإسلامية حركة وإنتاجا، وتتميز مواقعها بالحيوية والنشاط والتجديد.

الترويج الإلكتروني للتطرف والعنف

على مر التاريخ كانت جماعات ورموز التطرف الديني توظف الوسائل المتاحة لترويج أفكارها سواء من خلال الخطب، أو الاجتماعات السرية، أو وضع الكتب والمصنفات وتوزيعها على الأتباع، وفي العصر الحديث وظفت ذات الجماعات الوسائل الحديثة، فاستخدمت شريط الكاسيت في أوج عصره، ثم روجت أفكارها عبر أفلام الفيديو، وهي اليوم تعتمد على ملفات وخدمات الإنترنت وملفات بصيغ الهواتف المتنقلة بشكل مكثف. ورصد باحثون تجاوزات الفكر المتطرف بما قد يوصل إلى الترويج للإرهاب أو الإرهاب بذاته من خلال ما يعرف بالإرهاب الإلكتروني.

كيانات افتراضية لترويج الإرهاب

ظهرت خلال عشر السنوات الماضية كيانات افتراضية تحت مسمى مراكز أو مؤسسات إعلامية، لا يكلف تأسيسها سوى إعلان جذّاب يقود متصفح الإنترنت إلى موقع أنشأه صاحبه أو أصحابه لإعادة بث وترويج المواد والفتاوى التي تحمل فكر الإرهاب والتطرف، وعادة يتميز منشئوا هذه المواقع بالخبرة الفنية في برامج الرسم والفيديو والتصميم بشكل عام، ونادرا ما يكون لهؤلاء أطروحات فكرية مؤثرة، فهم في غالب وقتهم مستقبلون ومرسلون يعملون وسطاء «بريد» للرموز الفكرية التي تناصر الغلو والتطرف والعنف، وتقدم نفسها لمجتمع الإنترنت على أنها غيورة على مصالح الأمة، بعد أن خان العلماء وبيعت أوطانهم، وأنهم وحدهم شباب الإسلام في زمن الهوان، وعلى هذا المنحى تتنافس المواقع المتطرفة في البث والإنتاج وإعادة تقديم الفكر المتطرف على شكل سلاسل صوتية ومصورة أو كتب إلكترونية، وتنشط بشكل خاص في نشر رسائل وخطب رموز الفكر المتشدد.

توظيف المنتديات البعيدة عن الشبهة

كان واضحا كما نشر في دراسات وتقارير إعلامية عربية وغربية مختلفة أن مجموعات إرهابيّة لم تكتف بالبريد الإلكتروني، بل وظفت مواقع المنتديات البعيدة عن الشبهة مثل المواقع الرياضية والنسائية والجنسية، لتبادل المعلومات والصور الخاصة بالمواقع المستهدفة، ونشرت الصحف العالمية تقارير لخبراء في مكافحة الإرهاب يدّعون فيها أن المشتبه في تنفيذهم لهجمات 11 سبتمبر استخدموا نسخاً متطورة من الحبر السري الإلكتروني، وربما وظفوا تقنيات التشفير لتبادل الرسائل عبر الإنترنت لتنسيق الإعداد للهجمات.

مميزات مواقع التواصل للجماعات الإرهابية

إن مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة فعالة للغاية للجماعات الإرهابية، إذ سيبقي المحتوى الإلكتروني هو قضية القضايا نظرا لوضوح تكثيف توظيف الجماعات المتطرفة لتقنيات الإنترنت الاتصالية والبرمجية.
ومن جهة التمويل فقد حدثت تحولات واضحة في طريقة تلقي الأموال باستخدام التقنية، إذ تشير التقارير إلى وجود مؤشرات لاستخدام أنظمة وبعض خدمات الدفع بالهواتف المحمولة لنقل الأموال إلكترونيًّا، علاوة على إمكانية توظيف إمكانات نقل وتخزين الأموال عبر انظمة دفع إلكترونية.
وهذا الاتجاه لم يكن غائبا عن الوكالات الأمنية في السابق فتم رصد العديد من الحالات، كما حذرت منه ورصدته العديد من المؤسسات المعنية بالشأن الأمني، وظهر التحذير أيضا في تقارير أميركية أشارت إلى أن الجماعات الإرهابية من جميع الطوائف ستعتمد على الإنترنت بصورة متزايدة للحصول على الدعم المالي واللوجستي، وأشارت أيضًا إلى أن التكنولوجيا والعولمة قد مكنتا الجماعات الصغيرة، ليس فقط من الاتصال ببعضها، ولكن أيضًا توفير الموارد اللازمة للهجمات دون الحاجة إلى تكوين منظمة إرهابية، ومن هنا يتضح عدد من الإيجابيات التي تقدمها شبكات المعلومات والإنترنت لمجموعات التطرف، وبخاصة ما يندرج تحت مفهوم العنف والإرهاب، وهي مما يمكن النظر إليه من خلال مزايا شبكة الإنترنت نفسها التي تساعد وتقدم مزايا مذهلة مثل:
المرونة: توفر شبكة المعلومات إمكانية القيام بالترويج والدعوة للعنف وحتى بعض العمليات التخريبية الفنية على الإنترنت أو بواسطته من بعد.
الكلفة: يمكن تنسيق وترتيب شن عمليات إرهابية عبر شبكات الحاسب والإنترنت دون ميزانية كبيرة وتحدث خسائر كبرى عند الخصم.
المخاطرة: لا يحتاج الإرهابي الذي يستخدم الشبكات والإنترنت لتعريض نفسه لمخاطر ترصد أمني أو حمل متفجرات أو تنفيذ مهمة انتحارية تودي بحياته.
التخفي: الإنترنت بشكل خاص غابة مترامية الأطراف ولا تتطلب عملية الإرهاب الإلكتروني وثائق مزورة أو عمليات تنكر، فالقناع الإلكتروني والمهارة الفنية كفيلان بإخفاء الأثر.
- الدعاية: تحظى عمليات الإرهاب الإلكتروني اليوم بتغطية إعلامية كبيرة وتقدم بذلك خدمة كبرى للإرهابيين.
التدريب: توفر الشبكة ووسائط المعلومات وسيلة مهمة لتدريب الإرهابيين وأعوانهم متجاوزة حدود الزمان والمكان والرقباء.

الاتصال: تسهل الخدمات الاتصالية التي تقدمها شبكة الإنترنت، «بريد إلكتروني، غرف دردشة، منتديات» الاتصالات المختلفة بين المجموعات الإرهابية.

خصائص مواقع التواصل التي تجند الإرهابيين

بطبيعة الحال فإن السمات الفنية للمواقع الإلكترونية تكاد تتشابه، وإن كانت تتطور تبعا لتطورات التطبيقات الخاصة بالنشر الإلكتروني على الشبكة العالمية، ولكن الكثير من المواقع الإلكترونية التي تروج للإرهاب وثقافته دائمة التجديد وتلاحق الحدث، ويعود ذلك إلى إيمان العاملين عليها بأنهم في جهاد، وأنهم يسدون ثغرات ويساندون شباب الجهاد، وهذا الاقتناع يبدو واضحا في اللمسات الشخصية في التصميم واختيار العناوين المشحونة بالشجن والدفق العاطفي، مثل ذكر «الثواب» و«الجنة» و«الحور العين» ونحو ذلك. وبشكل عام يمكن تمييز عدد من السمات المشتركة بين هذه المواقع على النحو الآتي:
الشكل الفني المبدع في التصميم والحرفية
توفير خدمات تتجاوز حجب المواقع وترسل بصورة منتظمة للأعضاء
التنسيق بين هذه المواقع لنشر البيانات والخطب والمواد الجديدة 
تقديم مجموعة من الخيارات الثقافية المصاحبة مثل خدمة تحميل الكتب والاستشارات في شؤون الأسرة والصحة

متغيرات استفاد منها الإعلام الإلكتروني المتشدد

يظهر الإعلام الإلكتروني بالمحتوى البديل على مواقع ومنتديات الإنترنت وخاصة المتشددة منها مستفيدة من المتغيرات التالية:
1. سحر وإغراء شاشة الحاسوب التي نشأ الشباب وهي أمامهم تعبر عنهم ويتصلون من خلالها ويطرحون مشكلاتهم وهمومهم على صفحاتها الحرة
2. قوة استهداف الشباب بالمحتوى الإلكتروني الملائم لسنهم وطموحاتهم.
3. المتاجرة بآلام المحبطين وتقديم الوعود بغد أفضل.
4. إغراء اللغة الحماسية الانفعالية التي هي جزء من شخصية الشباب.
5. التعبير الفوري العفوي عن الأحداث والتعبير عن المواقف دون حسابات سياسية أو دينية.
6. يقدم البديل عن المراجع الفكرية الغائبة أو المغيبة.
7. لا يخضع محتوى الإنترنت للرقابة وهو ما يتناسب مع الفئات العمرية المتمردة على كل رقابة.
8. الانفراد بمستخدم الإنترنت وعزله عن محيطه الأسري والاجتماعي ضمن مجتمع افتراضي لا مثيل له في الواقع.

الإنترنت وسيلة لبث العمليات الإرهابية

أضاف التقرير أن الإنترنت كانت وسيلة الوسائل للمنظمات المتطرفة لتوثيق وبث عملياتها على مختلف الصيغ، وعلى صفحات الشبكة، يكفي أن يحدث حدث إرهابي بتنظيم جماعات العنف لتجد وثائق الحدث وصوره وبيانات مرتكبيه أو منظميه على عشرات الروابط والمواقع المتشددة في نفس اليوم وذلك من خلال:
السباب وسوء الأدب مع المخالف 
الاهتمام بترويج صورة البطل
تبرير القتل والتفجير والعدوان
تعليم الأعضاء وسائل التخفي ومسح الأثر عن عيون الأمن
النشاط الإعلامي المكثف على قناة اليوتيوب
توظيف فيديو الإنترنت للتدريب وإظهار القوة
توفير برامج الاختراق وسرقة واختراق الأجهزة

أنواع شيوخ الإنترنت

شخصيات يمجدون ويتبنون الفكر المتطرف علانية


شخصيات محسوبة على الفكر الإسلامي تثني بشكل حذر على بعض الشخصيات المتطرفة
شخصيات تتفق مع أصحاب الفكر المتطرف في الرؤية وتخالفهم أحيانا في الأسلوب 

شخصيات تعاتب بشكل محدود أصحاب الفكر المتطرف في جزئيات لا تتضح معالمها في حين تتفق معهم في الرؤية
شخصيات تنتقد الفكر المتطرف للتهرب من تهم التحريض تارة وتارة أخرى بسبب الاستفادة من التحولات السياسية والاجتماعية

أسباب جاذبية مواقع التواصل الاجتماعي للإرهابيين

قدرتها على تحقيق التواصل الاجتماعي مع الآخرين بكل اللغات والثقافات 

عدم وجود رقابة على التواصل بين أطراف الاتصال

تميزها بالخصوصية

إقبال الشباب على هذه الوسيلة بشكل كبير

انتشار المواقع الفكرية لرموز الفكر التكفيري وتواصلها بخطاب تحريضي جذاب مع زوارها ومعتنقي هذه الأفكار

يعلم المتطرفون الجدد أن رموز الفكر التكفيري لم يعرفوا بشكل جماهيري إلا عن طريق المواقع الإلكترونية التي روجت لأفكارهم واستقطبت الأتباع

تشكل المنتديات الحوارية المتطرفة وقود الصراع الفكري للفكر المتطرف مع خصومه 

تشكل القوائم البريدية التي يشرف عليها مديرو المواقع الإلكترونية حلقة الوصل بين أقطاب الأفكار المضللة والأتباع الذين ينشرون هذا الفكر في دوائرهم الخاصة وهو ما يعزز من تأثيرها..