"الاقتصادية" من الرياض


فرضت واشنطن أمس عقوبات على خمس شركات إيرانية اتهمتها بالمشاركة في برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، في خطوة ربطتها الولايات المتحدة بالاحتجاجات الراهنة.

وتجمد العقوبات أي ممتلكات للشركات الخمس في الولايات المتحدة وتمنع الأمريكيين من التعامل معها، وربط وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشن الأمر بالاحتجاجات الأخيرة التي أشعلتها الظروف الاقتصادية في إيران.

وقال منوشن في بيان "لن نتردد في كشف سوء إدارة النظام للاقتصاد"، وأضاف "تستهدف هذه العقوبات شركات رئيسية مشتركة في برنامج الصواريخ الباليستية، الذي يعطيه النظام الإيراني الأولوية على رخاء الشعب الإيراني".

واتهم منوشن الحكومة الإيرانية بتحويل "قدر كبير من مصادر البلاد لتمويل أنظمة صواريخ تمثل تهديدا على حساب مواطنيها"، وأفادت وزارة الخزانة أن الشركات الخمس منبثفة عن مجموعة شهيد بكيري الصناعية، المسؤولة عن تطوير صواريخ باليستية.
وتقول الولايات المتحدة "إن اختبارات الصواريخ الباليستية التي قامت بها إيران العام الماضي تمثل خرقا لقرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يدعم الاتفاق النووي بين إيران والقوى الدولية عام 2015".

ويطالب القرار 2231 إيران بألا "تقوم بأي نشاط يتعلق بالصواريخ الباليستية المصممة، بحيث يمكنها حمل أسلحة نووية، من بينها عمليات الإطلاق باستخدام تكنولوجيا الصواريخ البالستية".

وتشهد إيران توترا شديدا مع خروج الناس للتظاهر ضد الأوضاع الاقتصادية والقمع السياسي، وقتل 21 شخصا في ستة أيام من الاحتجاجات، هي أكبر احتجاجات تشهدها البلاد منذ نحو عشرة أعوام. 

وبحسب "الفرنسية"، فقد شدد المحافظون في إيران على ضرورة قيام روحاني بالمزيد لمساعدة الفقراء مع تحرك البرلمان لإلغاء زيادة في الضريبة على المحروقات قوبلت برفض شعبي.

واعترف عديد من المسؤولين في إيران بصدقية الشكاوى الاقتصادية التي أطلقها الإيرانيون، خصوصا معدل البطالة في أوساط الشباب الذي اقترب من 30 في المائة.
وفي هذا السياق، قال علي أكبر ولايتي مستشار خامنئي "إن المطلب الرئيسي للناس اليوم هو أن تتصدى الحكومة للمشكلات الاقتصادية"، والشعارات التي رددها المحتجون بدأت اقتصادية في الأساس موجهة ضد الغلاء والتدهور الاقتصادي والفساد الحكومي والسياسات الاقتصادية الفاشلة لروحاني، لكن ما حدث خلال الأيام التالية فاجأ سدنة النظام الإيراني.

ومهدت شعارات مثل "الموت لروحاني" الطريق لشعارات أخرى مثل "الموت لخامنئي"، وخلال يوم واحد امتدت المظاهرات لتعم 25 مدينة في مختلف أنحاء البلاد وتطورت الشعارات بشكل سريع أيضا مطالبة بإنهاء التورط الإيراني في الخارج إشارة إلى الدور الإيراني في سورية ولبنان واليمن. 

والمراقب للوضع يعرف أن الاقتصاد الإيراني يعاني بشدة لدرجة أن التقدم الطفيف الذي حدث أخيرا لا يشعر به أحد كما يقول رضا أنصاري الصحفي المقيم في طهران. من جانبه أكد وزير الداخلية عبد الرضا فضلي أن معدل البطالة يصل إلى نحو 60 في المائة في بعض المناطق.

ورغم إعادة انتخاب روحاني في أيار (مايو) الماضي لفترة ثانية بعد تعهده بإصلاحات اقتصادية واسعة إلا أنه لم يتمكن من تقديم شيء يذكر حتى الآن، الأمر الذي صدر اليأس والإحباط إلى غالبية المواطنين.

وأعلنت الحكومة الشهر الماضي ميزانية العام المقبل التي شهدت زيادة في أسعار الوقود والسلع الأساسية كما أصبح من الواضح أن ميزانية بعض الهيئات الدينية ستزيد عن العام السابق، وهو الأمر الذي يعلم الجميع أن روحاني لا يمتلك أي سلطة على تغيير هذا الأمر.
كل ما سبق إضافة إلى زيادة أسعار البيض على وجه الخصوص بنحو 40 في المائة وهو الغذاء الأساسي لأبناء الطبقة العاملة في إيران أسهم في تفاقم الغضبة الشعبية التي اندلعت شرارتها في مشهد ثاني أكبر مدن إيران من ناحية الكثافة السكانية بعد العاصمة طهران.

وسيقرر الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الأسبوع الجاري إن كانت بلاده ستواصل تطبيق رفع العقوبات التي كانت مفروضة على إيران، كما ينص الاتفاق النووي.

ويتعين على ترمب بموجب الاتفاق رفع عقوبات محددة كل عدة أشهر، حيث المهلة المقبلة ستكون بتاريخ 12 كانون الثاني (يناير)، وأعرب ترمب مرارا عن دعمه للحركة الاحتجاجية في إيران، حيث قال "كل الاحترام للشعب الإيراني في محاولته التخلص من حكومته الفاسدة". 

إلى ذلك، انطلق أمس اليوم التاسع لانتفاضة إيران، وسط دعوات لاستمرار الاحتجاجات حيث انتشرت ملصقات تحت عنوان "الجمعة الغضب لدماء الشهداء" تندد بالقتلى الذين سقطوا برصاص الأمن خلال المظاهرات، حيث تقول المعارضة "إن عددهم بلغ 50 شخصاً"، بينما اعترف النظام رسمياً بمقتل 22 محتجاً لحد الآن.

ودعا ناشطون عبر مواقع التواصل إلى ااستمرار المسيرات عقب ساعات من صلاة الجمعة، لمنع حصول التداخل مع المسيرات المؤيدة للنظام التي خرج بها طلبة الحوزات الدينية ومنتسبو ميليشيات الباسيج والحرس الثوري، بينما من المتوقع خروج مسيرات احتجاجية عقب مباراة في ملعب "تراكتور سازي" في تبريز مركز محافظة أذربيجان، في حين طوقت الشرطة وقوات الأمن الداخلي محيط الملعب بعشرات السيارات وعدد كبير من العناصر.

وهتف المشجعون خلال مباراة فريقي "تراكتور سازي" تبريز و"استقلال" طهران بشعارت "الموت لخامنئي" و"الموت للدكتاتور" و"اخجل يا خامنئي واترك السلطة"، بينما قطع التلفزيون الإيراني أصوات المشجعين في الملعب واكتفى ببث تعليق المعلقين، وأشارت الأنباء الواردة من تبريز إلى أن الطرق المؤدية إلى تبريز من أردبيل وأرومية وخوي تم إغلاقها بنشر حواجز نقاط التفتيش.