جميل الذيابي
بعد تجاهل لأكثر من 3 عقود، بدأ المجتمع الدولي يصحح خطأه في الإبطاء «غير المبرر» في مواجهة ميليشيا «حزب الله» الإرهابية اللبنانية - الإيرانية التمويل والتسليح والآيديولوجيا.
وهو إبطاء استمر منذ بروز هذه المنظمة الإرهابية بالتفجير الدامي الذي استهدف ثكنات قوات البحرية الأمريكية في بيروت العام 1983.
ونجحت إيران - العقل المدبِّر الشرير- في استغلال تلك الواجهة باقتدار في تنفيذ مخططات الزعزعة، واختطاف الإرادة السياسية اللبنانية. ولما تراكمت أخطاء الإهمال خلال سنوات الرئيس السابق باراك أوباما الثماني (2008 - 2016)، عمدت إيران بعدما أمِنت العقاب، إلى استنساخ نموذج حزب الله من خلال تشكيل عصابات ميليشيا الحوثي، التي زينت لها الانقلاب على الشرعية اليمنية ليسهل عليها طعن السعودية في خاصرتها الجنوبية، لتحقيق وهم الهيمنة الفارسية من الخليج إلى البحر الأبيض المتوسط.
وأخيراً تحركت واشنطن لتدارك أخطاء أوباما تجاه إيران، بعد قرار وقف «مشروع كساندرا» الذي توصّل تحت إشراف وزارة العدل وسلطات إنفاذ القانون الأمريكية الأخرى إلى أن حزب الله يحتكر تهريب «الكوكايين» من أمريكا اللاتينية إلى أمريكا وأوروبا الغربية، وتقوم جهات وبنوك مخترَقة - أحدها في كندا - بـ«غسل» أموال الكوكايين، لتعود إلى حزب الله بـ«المال الطاهر» كما يسميه زعيمه الإمعة نصر الله، ليغسلها بدوره بدماء الأبرياء في لبنان وسورية والعراق واليمن واستهداف بلدان الخليج العربية بالخلايا الإرهابية!
ويتزامن ذلك مع جهود مكثفة في البيت الأبيض والكونغرس لتشديد العقوبات على إيران، الدولة الإرهابية رقم واحد في العالم، التي تُصدر قرارات وسياسات الزعزعة: في البحرين مسندة الزعزعة لمؤدلجين تم غسل أدمغتهم في قم وطهران ليدينوا بالولاء للملالي.
وفي الإمارات من خلال محاولات اختراق الصف الإماراتي، بالمؤامرات والمخططات والدسائس.
وفي السعودية من خلال تجنيد الجواسيس والعملاء، وتهريب الصواريخ للحوثيين لاستهداف قبلة المسلمين في مكة المكرمة، ورمزية العاصمة الرياض، وبقية مدن المملكة. وفي الكويت بتحريك خلاياها وطابورها الخامس لتنفيذ أجنداتها ومخططاتها. فيما يشاركها أفعالها الإجرامية نظام الحمدين الذي يصفها بـ«الشريفة»!
وتلك سياسات لا تستبقي بقعة من أصقاع العالم. ففي أفريقيا سعت إيران لنشر التشيع في نيجيريا، والسودان، ومصر ودول أفريقية أخرى. وفي أستراليا ونيوزيلندا وكندا تتضخم ملفات المحققين بشأن مساعي حزب الله وإيران لتحقيق مشروع «الفرسنة».
وهي مخططات ماكرة باتت تتكشف يوماً بعد يوم.
من يصدق أن حزب الله الإرهابي لديه ترتيبات مع أكثر من 300 وكالة أمريكية لبيع السيارات المستعملة تشحن السيارات التي يشتريها لتباع في غرب أفريقيا، لتكتمل بذلك دورة غسل أموال الكوكايين. وهي المعلومات التي كشفتها ملفات «مشروع كساندرا» بوزارة العدل الأمريكية. وتهدد إعادة فتح هذا الملف رؤساء دول لاتينية متواطئين مع عصابات الكوكايين التابعة لحزب الله. ولا شك أنها سياسة قذرة يتم إقرارها على مستوى «المرشد الأعلى» في طهران، و«السيد» في بيروت، وما بينهما من سلاسل قيادية وميليشياوية.
بيد أن الصفعة الأشد إيلاماً لإيران تلقتها طهران الأسبوع الماضي، متمثلة بقرار اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي الـ55، باستثناء قطر وإيران (والطيور على أشكالها تقع)؛ الذي ندد بأشد العبارات باستهداف الحوثيين ومن ورائهم إيران، العاصمة السعودية في ديسمبر الماضي بصاروخ باليستي إيراني الصنع، أُطلق من الأراضي اليمنية التي تسيطر عليها ميليشيا الحوثي. فقد أكد بيان الوزراء أن المساس بأمن السعودية يعدّ مساساً بأمن العالم الإسلامي بأسره، وجدد تضامن الدول الـ55 مع السعودية بوجه أي محاولات اعتداء تستهدفها.
إن إيران التي تستهدف الدول من خلال الواجهات التخريبية، كحزب الله والحوثي ونحوهما، لن تتوقف إلا إذا حزم المجتمع الدولي أمره على تكوين تحالف دولي جامع للتصدي لعبث تصدير القلاقل، واختراق المجتمعات بالفتن الطائفية، والشقاق المذهبي، في سياق تفكير إجرامي إيراني لا يستثني الولايات المتحدة نفسها، لتحقيق وهم الهيمنة الفارسية على العالم الذي لا يسكن إلا في عقول عصابة الملالي التي تستعمر إيران منذ 1979، وتزعم للشعب المسلوب الإرادة أنها ظل الله في الأرض.
الأكيد أن التحالف الدولي ضد إيران وأذنابها، الذي يبدو قيامه بدا يتشكل أكثر من أي وقت مضى، سيدرس كل الخيارات لتحييد خطر النظام الإيراني وميليشياته الإرهابية، بما فيها المواجهة العسكرية، نظراً إلى تعدد الأذرع الشريرة لحكومة الملالي. وهو استحقاق تأخر كثيراً، لأن إيران عدو للأمن والإنسان في كل مكان.
التعليقات