نورالدين فريضي
حذر جهاز أمن الدولة البلجيكي من عواقب أمنية تترتب على اختراق مجموعات متشددة الجالية المسلمة في بلجيكا. ولفت إلى خطر تزايد «مجموعات ومبادرات سلفية» في البلاد و «إمكان تحوُّلها إلى مشكلة اجتماعية تهدد القيم الغربية والديموقراطية» في البلاد.
وورد في تقرير وزعه الجهاز على الدوائر الأمنية أن ظاهرة «السلفية تظل هامشية بالنسبة إلى غالبية المسلمين في بلجيكا»، لكنها قد تؤدي في أمد بعيد إلى بروز مجتمعات موازية داخل المجتمع الواحد.
وتتقاطع تحذيرات جهاز أمن الدولة البلجيكي مع استنتاجات تقرير لجهاز الاستخبارات السويدي، أشار العام الماضي إلى «خطر تشكيل الإخوان المسلمين مجتمعات موازية داخل المجتمع السويدي». وتعد بلجيكا بين 600 ألف و700 ألف مسلم، من بينهم آلاف السلفيين تساند مئاتٌ منهم صراحة نشاطات المجموعات الإرهابية.
ويلاحَظ أن المجموعات السلفية ليست منسجمة وتختلف حول ما تناوله التقارير من مفاهيم تتعلق بـ «التوحيد» و «الولاء لولي الأمر» و «التكفير» و «الكفر والكفار» و «الجهاد ضد النفس» و «الجهاد في سبيل الله»، ولعل الخلاف الأبرز الذي أشار إليه جهاز الأمن البلجيكي، يتعلق بفهم معنى «الجهاد»، إضافة إلى «السلفية السياسية وتقاطعها مع الإخوان المسلمين»، و «السلفية الجهادية». وتمثل الأخيرة القاعدة الإيدولوجية التي تستند إليها مجموعات التطرف العنيف والأعمال الإرهابية التي ترتكبها تلك المجموعات في سورية والعراق.
واستنتج جهاز أمن الدولة البلجيكي أن «الواقع الإيديولوجي في المساجد معقد مثلما هو الحال بالنسبة إلى الجالية المسلمة وامتدادات التيارات الإسلامية إلى داخلها. ويلاحظ أن التنظيمات الدينية بمختلف أنواعها تستخدم تكنولوجيا الإعلام الجديدة في نشر أفكارها عبر منصات حوار، يصعب تحديد عددها. وينشر تنظيم «داعش» دعاياته عبر الشبكة العنكبوتية بست لغات.
ورأى جهاز أمن الدولة من متابعاته سلوك السلفيين أفراداً وجماعات أن «من الصعب تحديد بروفايل شخص ووضعه النفسي والفكري قبل أن يتبنى الأفكار السلفية». كما أن التنوع العرقي والثقافي والاجتماعي يساهم في تعقيد مهمة الباحث إذا حاول رسم بروفايل مرشح للانخراط في مجموعة سلفية.
وحذر جهاز أمن الدولة البلجيكي من أن «السلفية الجهادية تمثل في الأمد القريب خطراً مباشراً على المجتمع». ويشير إلى التهديد الأمني الذي يشكله المقاتلون الأجانب الذين تدربوا في سورية والعراق وأن بعضهم قد يعود إلى أوروبا. وأدمى تنظيم «داعش» في السنوات الأخيرة باريس ولندن وبروكسيل ومدريد وبرلين ومانشستر، إذ تمكّن من إرسال مقاتلين من سورية إلى أوروبا. وقام أيضاً بتجنيد عملائه في المدن الأوروبية من دون حاجته إلى تدريبهم في سورية وإعادة إرسالهم إلى أوروبا من أجل تنفيذ مخططاته الدموية.
وفي الأمد المتوسط والبعيد، حذّر جهاز أمن الدولة في التقرير الذي أصدره الأسبوع الماضي من أن «التشدّد في فهم الدين وعدم الاعتراف بالقانون البلجيكي والانعزالية الطائفية، تشكل تهديداً للنظام الديموقراطي والدستوري»، ما يؤدي إلى مجموعات موازية لا تلتزم القانون وتمارس سلطاتها في محيط مغلق، فتسمح بتعدد الزوجات، وتلغي الحريات الأساسية، وتحرّض ضد الديانات والمعتقدات الأخرى.
ويثير السلفيون ردود فعل مجموعات اليمين المتطرّفة تجاه كل المسلمين، ما يشكل استقطاباً، و «يكون المسلمون في بلجيكا أول ضحايا السلفيين» كما رأى النقرير. وتتمسّك مجموعات سلفية في بلجيكا بـ «تقدّم الشريعة على القانون البلجيكي» و «دعوة المسلمين إلى عدم المشاركة في الانتخابات» و «تعدد الزوجات» و «الفصل بين الجنسين» و «حظر التعاون مع اليهود والمسيحيين» و «تشجيع السرقة باعتبارها غنيمة» و «ممارسة طب الشعوذة».
التعليقات