&

محمد فايع&&&

&

&ستظل السعودية راسخة ثابتة في مواقفها وفي سياستها، ولن تهزّها الشعارات الجوفاء والفارغة، سواء كان مصدرها أنقرة أو الدوحة أو طهران أو حتى تل أبيب، وستعمل على ترسيخ الأمن في المنطقة

ليست بالمرة الأولى التي تواجه المملكة العربية السعودية فيها حملات تشويه، مضمونها السفه والطيش والتحامل على بلادنا، فهي منذ أن تأسست أركانها، وتثبتت عُمدها، وتوحدت مناطقها، والتحمت قبائلها، وهي تواجه حملات من الشرق والغرب، لكنها جميعها تكسرت على صخرة التحدي للإنسان والوطن السعودي والسعودية، قادة وشعبا، أرضا وتراثا، ثقافة وحضارة، ولم تنل منها ولا من إنسانها الذي كان يهزأُ بتحرش الأعداء ومناوراتهم التآمرية، ثم يقول لهم بكل ثقة ويقين وبصوت يزلزل الأرض، قول الشاعر الأعشى ابن «منفوحة» من أرض نجد الرجال والعز، والمُلكِ والبطولة «كناطح صخرة يوما ليوهنها...فلم يضرها وأوهى قرنه الوعلُ».


ستظل المملكة العربية السعودية راسخة ثابتة في مواقفها وفي سياستها، ولن تهزّها الشعارات الجوفاء والفارغة، سواء كان مصدرها أنقرة أو الدوحة أو طهران أو حتى تل أبيب، وستعمل على ترسيخ الأمن في المنطقة، وتوطد الأمن في ربوعها، وتؤمن حدودها، وتقف في وجه كل الأطماع ومحاولات التغلغل في دول منطقتنا العربية، فكلنا يعلم أن المؤامرات والخطط كلها تتجه نحو بلادنا، أولا لعرقلة مسيرتها التنموية نحو تحقيق أهدافها، وصناعة مستقبل أجيالها، وهي تسارع في كل اتجاه نحو بلورة رؤية 2030، وثانيا لتخريب استقرارها الذي هو محل أنظار العالم كله وإعجابه، وهي تقود سياستها ودبلوماسيتها بذكاء وبطولة ويقظة ودهاء، وسط منطقة ملتهبة الصراع والأطماع منذ عقود خلت، وثالثا لإشغالها بالصراعات الإقليمية، حتى يستطيع الأعداء ومن يقف خلفهم تمرير أجنداتهم وتحقيق أحلامهم التوسعية من أجل بسط نفوذهم، ونشر أيديولوجياتهم، وهو ما ترفضه السعودية التي يراها جميع العرب والمسلمين أنها رائد للعالمين العربي والإسلامي، وحارسة الأمن القومي العربي، بالتشارك مع دول المنطقة، التي تحارب بصدق وإخلاص كل جهة معادية تستهدف استقرارها.


ولذلك، ولأن السعودية لن تقبل المساومة على سيادتها، ولن تقبل المساس بأمنها، ولا النيل من مكانتها، فقد أعلنت بصراحة لا تنقصها الشجاعة في «بيان» صدر ظهيرة الأحد الفائت، ووصل إلى عناوين الأخبار العالمية في دقائق، يعبر عما يكن في قلب كل مواطن سعودي مفاده «تؤكد المملكة رفضها التام لأي تهديدات ومحاولات للنيل منها، سواء عبر التلويح بفرض عقوبات اقتصادية، أو استخدام الضغوط السياسية، أو ترديد الاتهامات الزائفة التي لن تنال من المملكة ومواقفها الراسخة، ومكانتها العربية والإسلامية والدولية، ومآل هذه المساعي الواهنة كسابقاتها هو الزوال، وستظل المملكة حكومة وشعبا ثابتة عزيزة كعادتها مهما كانت الظروف ومهما تكالبت الضغوط» انتهى، ولكون المملكة إذا قالت فعلت وإذا وعدت أوفت، فقد جاء في البيان «كما تؤكد المملكة أنها إذا تلقت أي إجراء فسوف ترد عليه بإجراء أكبر» انتهى.


هذا الموقف القوي للمملكة الذي ورد في البيان هو تعبير واضح لا لبس فيه عن قوة المملكة وحكمتها، وسياستها ودبلوماسيتها في إدارة أزماتها، فهي تصبر وتحلم، ولكن «لصبرها حدود، ولحلمها غضبة»، ليعلم ذلك كل من تساوره نفسه في أن يناصب بلادنا العداء، سواء من أعداء الداخل أو الخارج، ومن هنا فكلنا ثقة في حكمة قادتنا وتلاحم شعبنا في أن بلادنا ستبقى قوية صامدة في وجه كل تلك الحملات المغرضة مهما كانت، وستعمل على مواجهة حملة الأكاذيب والزيف والتدليس، وستعمل على أن تبقى في مكانتها الشامخة السامقة بين الدول، وستبقى على ثقة بحماية أمنها واستقرارها، ولن يرهبها من يحاول ممارسة الضغوط نحوها، بما في ذلك أميركا التي تعلم أن حجم استثمارات المملكة فيها يقدر بـ«تريليون» دولار كما تقول ذلك بعض المصادر، وأن كثيرا من المستثمرين الأميركان يرون في السعودية منطقة لا يمكن الاستهانة بها في مجال الاستثمار الناجح على المدى البعيد، نظرا لما تحظى به السعودية من أمن واستقرار، ونشاط تجاري، ومناخ استثماري جيد، ولو توقف ضخ ملايين السعودية المستثمرة في شرايين الاقتصاد الأميركي فسيتضرر آلاف الموظفين الأميركيين، وستخسر مئات الشركات من هذا الإجراء، وهذا ما يفهمه السيد ترمب، إذا ما كان الحديث معه بلغة الاقتصاد، وهو التاجر ورجل الأعمال الذي انتخب لقيادة أميركا، فهو يعي جيدا ما ورد في بيان المملكة، ولعله قد عبّر عن مخاوفه من أن تذهب مليارات السعودية إلى الصين أو روسيا، فيما لو حاولت حكومته، أن تأخذ إجراء خاطئا من السعودية في قضية اختفاء جمال خاشقجي، التي سيّست كثيرا، إذا هو ما قاله عمرو بن كلثوم، شاعر الجزيرة العربية «ألا لا يعلم الأقوام أنّا..تضعضعنا وأنّا قد ونينا / ألا لا يجهلن أحد علينا...فنجهل فوق جهل الجاهلينا».


بقي القول الذي أختم به مقالي لأقول لأبناء الوطن وبناته، ألا يلتفتوا للإعلام الفارغ الذي يقتات على الأكاذيب، وأن تبقى ثقتهم في قادتهم وفي وطنهم، وأن يبقوا على صورة السعودي العربي المسلم، المحب لوطنه المتمسك بتقاليده وعاداته، المعتز بدينه، فالسعودية التي يستقبلها ملايين المسلمين، وتحظى بمكانة دينية وسياسية واقتصادية واجتماعية، وتحظى بتقدير العالم واحترمه في العالم، لجديرة بأن تعكس الصورة الإيجابية والمشرفة عنها، فهناك من يسيء للوطن جهلا أو مراهقة، ويستغلها الأعداء ضدنا، وأن يبقوا على يقظة، يحافظوا من خلالها على متانة لحمتهم، والتفافهم حول قادتهم، وأقول لحثالة العملاء من زوار السفارات والمرتزقة المتسكعين في شوارع لندن وغيرها، عليهم أن يفهموا أن خيانتهم لوطنهم لن تبقي لهم ثقة عند أحد، لا في أقوالهم ولا في أفعالهم، فمن خان وطنه فلن يكون جديرا بالثقة والاطمئنان، ودام عزك يا وطن.

&