&منير أديب&

لا يمكن تصور مواجهة حقيقية وذات أثر للإرهاب والتطرف والتمرد والعنف من دون فلسفة أو استخدام وسائل التعليم المتطورة، فالتطرف سلوك ظلامي مواجهته لا تكون إلا من خلال ما يعزز قيم العقلانية والتنوير داخل المجتمعات، فكل الرؤى المنطقية في مواجهة الإرهاب تأخذنا إلى مساحة نشر قيم التسامح والتعايش في مواجهة العنف، فكلما كان المجتمع متسامحاً كلما كان بعيداً عن العنف ومن قبله التطرف بصوره المختلفة.


فلسفة الإرهاب قائمة على تحـــقيق مجـــتمع فقــــير في أفكاره وسلــــوكه ومعتقداته يخضع لتصورات ضيقة الأفق سواء الخاصة بالدين أو حتى الحياة، وهنا لا بد أن تتعدد صور المواجهة بحيث لا تقتصر على الجزء الأمني والعسكري فقط، وإنما لا بد أن تكون فكرية على مستوى التعليم والثقافة والخـــطاب الدينـــي المعتدل، صور المواجهة هذه تضمن القضاء على الأفكار المتطرفة كما تضمن عدم استنساخ نماذج متطرفة، وحتى يكون همنا القضاء على الإرهاب وليس الإرهابي. ومن ثم لا بد من تدريس الفلسفة ضمن مناهجنا التعليمية حتى نقضي على بذور التطرف في مجتمعاتنا العربية، وأن نُعلي من شأن التسامح داخل هذه المجتمعات تسامحاً يقوم على احترام الآخر وقبــــول اعتـــقاده، وإذا كان ثمة اشتباك يكون فكرياً من خلال الحوار فيما يمكن أن نسميه بالثراء المعرفي. مجتمعاتنا تحتاج إلى النقاء المعرفي والتشبع الأخلاقي وكلٌ منهما لا يتحقق إلا من خلال التعليم ودراسة الفلسفة التي تُعلي من شأن القيم في عمومها وتُرسخ المفاهيم الحياتية، التي تجعل الحياة أولاً ولا ترى حقيقة من وجود الإنسان إلا في حياته وتعزز من قيم الحفاظ عليها، هذه المعرفة تُحاربها تنظيمات العنف والتطرف وترى في وجودها خطراً عليها.

التعليم أداة ما زالت غائبة في مواجهة الإرهاب، بخاصة أن مناهج التربية الدينية والقومية في معاهدنا التعليمية في بعض عواصمنا العربية عليها ملاحظات كثيرة، سواء من خلال المحتوى الذي يقدم للطالب أو المعلم الذي يقوم على تدريس هذه المناهج أو الاهتمام العام بها من حيث التأثير على النجاح والرسوب، وهنا تبدو تجربة التعليم قاصرة في بعض بلداننا، حيث لا اهتمام بتدريس هذه المناهج ولا اهتمام من قبل الطلاب بها بدراستها، فهذه المواد الدراسية لا تُضاف درجاتها للمجموع الكلي للنجاح، وبالتالي يبدو الاهتمام بها مثل الاهتمام بحصص الرسم وهو اهتمام معدوم هو الآخر.

التعليم هو باب المواجهة الحقيقية للتطرف والفلسفة سهمها النافذ، فلا يمكن مواجهة الإرهاب إلا من خلال التعليم ولا يمكن القضاء على التطرف إلا من خلال الفلسفة التي تُرسخ من قيم الإنسانية والعقلانية وهما وجها المواجهة الحقيقية للتعصب والتطرف.

&