عبد المحسن يوسف جمال
اختلف الخطاب السياسي الأميركي تجاه روسيا بدرجة كبيرة منذ فترة انتخابات الرئاسة واليوم.. ففي تلك الفترة كان الرئيس ترامب يتبادل عبارات الود مع الرئيس بوتين، متمنيا علاقات ودية اذا نجح في الانتخابات.. ولكن بعدها اتضح لترامب ان هناك ضغطا قويا من جهات اميركية داخلية، تمنعه من اقامة علاقات ايجابية مع الروس، وانها قد تلجأ الى تهديد رئاسته، ان واصل الود اكثر معهم.
كل ذلك دفع بالادارة الحالية الى رسم سياسة حادة في المواجهة ضد الروس واعتبار روسيا والصين دولتين لا بد من الحذر منهما، والذهاب بعيدا بتصنيفهما دولتين عدوتين!
ولعل ذلك ما يفسر لنا نوعا ما الاستراتيجية الامنية التي اصدرتها الادارة الاميركية والتي فاجأت العالم بانها جعلت من روسيا عدوة، وكذلك الصين!
هذا الحديث لم تكن له قيمة استراتيجية بهذا الشكل ايام الرئيس السابق اوباما، فما الذي تغيّر الآن؟
وكيف تفهم اسرائيل ذلك وهي الحليف الاول لأميركا، وهي التي تلجأ الى روسيا بين فترة واخرى ويزورها بنيامين نتانياهو «مضطرا» الى ايجاد حل بسبب المتغيّرات السياسية في بلاد الشام وتبدل ميزان القوى هناك بسبب التواجد الروسي الذي سيسبّب حرجا لاسرائيل ان حاولت الاعتداء الشامل على المنطقة.
هل الاستراتيجية الاميركية هي تفكير بصوت عال اكثر منها خريطة طريق؟!
في الاجابة عن ذلك علينا ان ندرس الصراع السياسي الاميركي الداخلي الذي بدأ يشدد على ان الادارة الحالية تتخذ قرارات «متطرفة» في الشأن الدولي، تحرج الدبلوماسية الاميركية، والتي كان لها نهج منفتح في العهد السابق، وان الولايات المتحدة لها استراتيجية طويلة المدى من دون تغييرها بتغيير الرئيس.. وان الرسائل السياسية التي يرسلها الرئيس ترامب قد تربك الدبلوماسية الاميركية بدرجة اكبر من تأثيرها بالآخرين.
وهل ستستفيد السياسة الروسية والصينية من هذا «التخبّط» بمد المزيد من نفوذهما في العالم؟!
وهل ستعطي سياسة ترامب قوة «للأعداء» أكثر من طمأنة للأصدقاء، خاصة انها لا تملك حنكة كيسينغر بالقدرة على إدارة الأزمات؟!
التعليقات