عبدالله جمعة الحاج 

محاولات جعل الخليج العربي منطقة خالية من الأسلحة النووية ليست بالأمر الجديد أو الطارئ، فهي قائمة منذ أن شرع النظام الإيراني في الإفصاح عن نواياه في الاتجاه نحو هذا النمط من التسلح بشكل خفي وتحت ستار من الشعارات والأقاويل المضللة التي تصب في خانة أن البرامج والممارسات النووية الإيرانية تهدف إلى الاستخدام السلمي للطاقة النووية.

وتسعى كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات ودولة الكويت ومملكة البحرين وسلطنة عُمان بجميع الوسائل الممكنة إلى منع واجتثاث كافة المخاطر التي تهدد المنطقة بالدمار الشامل من خلال تملك إيران لأسلحة نووية، وهي مجتمعة وفرادى لديها مشاريع طموحة جاهزة للتنفيذ لجعل الخليج العربي منطقة خالية من الأسلحة النووية، لكن ما يعيق تنفيذها هو المواقف الإيرانية المتعنتة واندفاع إيران غير المبرر نحو امتلاك الأسلحة النووية.

إن نضج مثل تلك المشاريع والتوجهات والمساعي والبرامج المتواجدة لدى الدول الخمس من شأنه تشكيل خطوات مهمة باتجاه إنقاذ العالم أجمع من الانزلاق نحو المزيد من انتشار الأسلحة النووية، وبالتأكيد نحو إنقاذ الخليج العربي من أن يصبح ساحة لسباق التسلح النووي وجعله منطقة خالية من هذا النوع من الأسلحة المخيفة والمشاريع والبرامج التي تعمل الدول الخمس على بلورتها من شأنها أن تنير الطريق مجدداً نحو المزيد من بناء الثقة بين دول المنطقة ليس بالنسبة لإيران وحدها، ولكن لكافة دول المنطقة العربية وجوارها الجغرافي، بما في ذلك إسرائيل وتركيا، وربما لدول العالم أجمع من حيث تشكيلها لأنموذج يحتذى به في هذا المجال.

على هذا الصعيد شكلت مساعي الدول المعنية والمبادرات التي تقوم بها منحى أصيلاً في صالح فكرة إنشاء مناطق خالية من الأسلحة النووية، فمنذ قيامها كدول وطنية مستقلة، وهي ترحب وتدعم الجهود التي تقوم بها دول عدة من أعضاء المجتمع الدولي، وزادت على ذلك أنها هي ذاتها آخذة في تبني ودعم المقترحات والبرامج التي تنادي بجعل الخليج العربي منطقة خالية من الأسلحة النووية، هذا بالإضافة إلى مساعيها بجعله منطقة آمنة تنعم بالسلام والخير والوئام من خلال التزام دوله بمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى وإبعاد كافة القوى الدولية والإقليمية الكبرى عن ممارسة صراعاتها على مياهه وأراضي دوله في سبيل تحقيق رفاهية الشعوب وتمكنها من تحقيق التنمية الشاملة المستدامة بعيداً عن كافة مظاهر الصراع.وكان للقاءات التي قام بها قادة الدول الخمس وكبار المسؤولين فيها مع قادة ومسؤولي الدول الأخرى أهمية كبرى في تأسيس علاقات صداقة متينة مع كافة تلك الدول عدا إيران التي لا تتيح إلى ذلك سبيلا بتطلعاتها التوسعية. إن الخليج العربي يحتاج إلى شيء واحد لكي يصبح منطقة خالية من الأسلحة النووية، وذلك الشيء هو توفر إرادة سياسية ونوايا حسنة لدى النخبة السياسية - الدينية المتطرفة الحاكمة في إيران، وهي إرادة ونوايا متوفرة لدى جميع الدول الخمس، وهي تنادي بها مراراً وتكراراً. مثل هذه الإرادة غائبة لدى إيران، وهي أمر لا بد أن يكون مقروناً بوجهة نظر وتوجه بناء وواقعي تجاه مشكلة التسلح النووي الإيراني ذاتها، وهو أمر غائب تماماً عن التفكير السياسي والعسكري والأمني لإيران.

ومن وجهة نظر الدول الخمس لا توجد معوقات من قبيل تلك التي تطرحها إيران بأنها ستعيق جعل الخليج العربي خال من الأسلحة النووية، وتمنع التوصل إلى اتفاقية جماعية من هذا النوع. ونحن نعتقد بأن الأمر عكس ذلك، وبأن مثل هذا الطرح يجب أن يكون مرحباً به ويتم تشجيعه، فهذا النهج هو الوحيد الذي يمكن أن يوصل إلى النجاح، وهذا النجاح يمكن إثباته من قبل التوجه الإيجابي لدول حوض الخليج العربي كافة.