يوسف دياب

يتمسّك تيار «المستقبل» وحزب «القوات اللبنانية» بالمضي في تحالفها السياسي والاستراتيجي الذي بدأ في عام 2005، وتعزيزه على مستوى الخيارات الوطنية، ومقاربتهما المشتركة لكيفية بناء الدولة وتعزيز مؤسساتها الدستورية، إلا أن هذا الخيارات قد لا تترجم تحالفاً انتخابياً، طالما أن بنود هذا التحالف لم تتبلور بعد، بالنظر للأولويات التي يفرضها القانون الانتخابي الجديد القائم على النظام النسبي مع الصوت التفضيلي، مما يجعل مصلحة كل طرف خارج نطاق التحالف في كثير من الدوائر، وعلى قاعدة «الافتراق الحبّي»، لكن ذلك يحتّم عليهما تفاهمات على بعض المقاعد، ينتظر أن تتوّج الاتفاق عليها، باجتماع يعقد في معراب اليوم بين رئيس «القوات» سمير جعجع، وموفد الرئيس سعد الحريري وزير الثقافة غطّاس خوري.


وتبقى الدوائر التي تختلط فيها القاعدة الشعبية للفريقين، موضع اهتمام وسعي إلى توافق يسجّل مكاسب مشتركة لهما، سواء في دائرة الشوف عاليه (جبل لبنان)، أو زحلة (البقاع)، أو في دائرة بيروت الأولى (الأشرفية)، وهو ما أشار إليه نائب رئيس الحكومة وزير الصحّة غسان حاصباني، الذي قال إن «النقاش الانتخابي بين القوات اللبنانية وتيار المستقبل، أصبح في مراحل متقدمة». وأوضح أن «التحالفات لن تكون شاملة في هذا القانون، إنما مدروسة بحسب ما تقتضيه الضرورات الانتخابية للمناطق». وقال «إذا انتهى النقاش والاتفاق إلى تحالف استراتيجي بعيد المدى بين الطرفين، قد يكون اللقاء بين الدكتور سمير جعجع والرئيس سعد الحريري قريباً».

ويتجنّب مسؤولون في «المستقبل» الحديث عن كيفية خوض المعركة الانتخابية بين التيار و«القوات اللبنانية»، طالما أن قيادتهما لم تحسم خيارها بالتحالف أو الاستغناء عنه، لكنّ مسؤولاً في ماكينة «المستقبل» الانتخابية، أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الماكينة الانتخابية لم تتبلّغ بأي اتفاق مع أي حزب سياسي، باستثناء الحزب التقدمي الاشتراكي»، مشيراً إلى أن «كل القوى تعيد النظر في مسألة التحالفات، ويبدو أن أغلبية الأحزاب كما نحن في «المستقبل» لها مصلحة في خوض المعركة من دون تحالفات». وقال: «كل شيء رهن نتائج المحادثات بيننا وبين (القوات) وهذا سيعلن عنه في إعلان اللوائح يوم الأحد».
وساد الفتور علاقة «المستقبل» و«القوات»، غداة استقالة الرئيس سعد الحريري من رئاسة الحكومة من الرياض، لكنّ خطوط الاتصال والتواصل فتحت بين الطرفين مجدداً، وهي تمهّد للقاء يجمع الحريري وجعجع في الأيام المقبلة.
من جهته، أعلن رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب «القوات اللبنانية» شارل جبّور، أن «التحالف الانتخابي بين الطرفين لم تكتمل عناصره بعد، وما يحصل الآن هو البحث في رؤيتهما وفي الدوائر التي قد يجري التحالف فيها». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «بلورة الاتفاق تنتظر حضور موفد الرئيس سعد الحريري الوزير غطّاس خوري إلى معراب (مقرّ جعجع)، لاستكمال المباحثات الانتخابية التي بدأتها القوات اللبنانية عبر الوزير ملحم رياشي».
وتوقع جبّور أن جلسة اليوم في معراب «حاسمة ومكتملة المعالم، ونتفق فيها أين نتحالف وأين لا نتحالف، وبالتالي لا حديث عن تحالف قبل أن يقدّم (المستقبل) رؤيته الانتخابية». وأضاف: «الحسابات الانتخابية قد تدفع كل طرف إلى تقديم مصلحته الانتخابية، فلا أحد سيقدم خدمات مجانية للآخر»، لكنه شدد على أن «التحالف السياسي الاستراتيجي الذي بدأ في عام 2005 هو قائم وثابت ومستمرّ تحت عنوان لبنان أولاً، وبالتالي عدم التحالف انتخابياً لا يعني التباعد استراتيجياً على الإطلاق».
وإذا كانت المصلحة تقتضي تغييب التحالف في أكثر المناطق، فإن الضرورة تلزمهما بالتلاقي في دوائر محددة، مثل بعلبك - الهرمل وزحلة (البقاع) وربما في دائرة بعبد ا (جبل لبنان)، وهو ما ألمح إليه شارل جبّور، الذي كشف أن «باكورة التحالف بدأت في دائرة بعلبك الهرمل، وننتظر أن تستكمل في دوائر أخرى إذا كانت مصلحة الطرفين تتقاطع فيها».