كريستوفر هينزيل
بينما أتطلع إلى زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة الأمريكية، أعكس لكم التاريخ الغني للعلاقات الأمريكية - السعودية. فمنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية في عام 1940م، تتمتع كل من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية بصداقة دائمة وشراكة مثمرة تمتد على مدى 75 عامًا تولى خلالها 14 رئيسًا و7 ملوك سعوديين.
لقد تغير العالم بصورة مذهلة منذ عام 1940م، ونمت شراكتنا مع هذه التغييرات، حيث إن علاقاتنا الثنائية ركزت في البداية على الطاقة والأمن، ولكنها تطورت فيما بعد لتعالج مجموعة واسعة من القضايا ذات الاهتمام المشترك بما يخدم المصالح الوطنية المشتركة للبلدين. وتستمر علاقتنا في التطور اليوم مما يعزز الروابط التي ستنقلنا بشكل جيد إلى القرن الواحد والعشرين.
تعمل المملكة العربية السعودية كشريك أساسي في الحفاظ على الاستقرار في الشرق الأوسط، فالمملكة الآمنة والمستقرة هي مفتاح السلام والاستقرار في منطقة مهمة لاقتصاد العالم بأسره؛ ولهذا السبب نقف مع الشركاء السعوديين ضد القوى التي تهدد المنطقة.
أعرب الرئيس ترمب عن مخاوف الولايات المتحدة بشأن السلوك الإيراني الخبيث الذي يهدف إلى تقويض الأمن في الشرق الأوسط، وتركز الولايات المتحدة على تحييد نفوذ إيران المزعزع للاستقرار وتقييد عدوانها، خصوصاً دعمها للإرهاب والمسلحين. إننا نعمل عن كثب مع المملكة العربية السعودية وشركائنا الإقليميين الآخرين لإدانة انتهاكات إيران لقرارات مجلس الأمن الدولي وإجراءاتها ضد السلام والأمن الإقليميين. إذا نجحت إيران في توسيع نفوذها، فستشهد المنطقة مزيداً من الصواريخ الباليستية في أيدي الجماعات الخطرة، وزيادةً في التطرف العنيف والإرهاب، وتهديداً أكبر للملاحة - خصوصاً في منطقة الخليج - ومزيداً من الهجمات السيبرانية المدمرة، وعواقب أخرى قد تقوض أمن المنطقة. نحن نعمل بشكل وثيق مع السعودية والمجتمع الدولي للتأكد من أن هذا لن يحدث.
تتفهم الولايات المتحدة خطورة هجمات الحوثيين المدعومة من إيران على الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية، وهي ملتزمة بمساعدتها على حماية حدودها وضمان سلامة المواطنين السعوديين.
كما أننا نستجيب لطلبات الجانب السعودي للحصول على المشورة بشأن أفضل طريقة لمنع وقوع الإصابات في صفوف المدنيين خلال هذا الصراع. إن وقوع الخسائر في صفوف المدنيين غير مقبول وتتحمل الحكومات مسؤولية التحقيق الدقيق في هذه الحوادث عند حدوثها ومنع وقوعها في المستقبل. إن الطريقة الوحيدة المؤكدة لإنهاء وقوع الإصابات في صفوف المدنيين هي إنهاء القتال. تواصل الولايات المتحدة دعمها للجهود المبذولة لإيجاد نهج سياسي ينهي النزاع المسلح في اليمن ويعالج أيضاً المخاوف الأمنية للمملكة. سيقوم مبعوث الأمم المتحدة الجديد الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث بمواصلة العمل الذي قامت به الأمم المتحدة لإعادة الأطراف إلى طاولة المفاوضات. يجب علينا جميعاً دعمه والعمل معه.
في غضون ذلك، تواصل الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية معالجة المأساة الإنسانية في اليمن، وقد حققت السعودية تقدماً في زيادة السبل التي تصل من خلالها المساعدات الإنسانية إلى الشعب اليمني. وبالتعاون مع شركائنا في المجتمع الدولي يمكن للولايات المتحدة والمملكة إحراز تقدم نحو بناء يمنٍ أكثر أمناً وسلاماً.
ليس سراً القول إن السعودية تتغير، لقد حفزتني الإصلاحات التي شهدتها خلال الفترة التي قضيتها هنا، وأحيي الملك سلمان وولي العهد محمد بن سلمان لقيادتهما في نقل المملكة نحو تحقيق الأهداف التي تضمنتها رؤية 2030. فمن خلال قيادتهما شهدت السعودية تطوراً مستمراً في المجال الاقتصادي، ومزيداً من حقوق المرأة، كما شهدت تقدماً ملحوظاً نحو مزيد من
الازدهار الاقتصادي. إن المملكة العربية السعودية متنوعة ومزدهرة اقتصادياً، وتقدم الحكومة الأمريكية والقطاع الخاص فيها مساهمات مفيدة نحو نجاح رؤية 2030. وتسعى المملكة إلى أن تكون مثالاً للدولة التي تمكنت من إجراء إصلاحات وانفتاح مع الاحتفاظ بتقاليدها وقيمها، وهذا أمر يستحق الثناء والمتابعة عن كثب من بقية دول العالم، وسيتعلم الكثير من هذه الفترة التحولية العظيمة في تاريخ المملكة العربية السعودية.
بالنظر إلى المستقبل، أنا متفائل بأن الولايات المتحدة والسعودية ستواصلان توسيع وتطوير علاقتهما، وتمثل زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة فرصة مهمة لترسيخ التزاماتنا المتبادلة وإيجاد مجالات جديدة للتعاون.
وأنا على ثقة من أن الرئيس ترمب وولي العهد محمد بن سلمان سيجريان مناقشات مفتوحة وصريحة حول العديد من القضايا المتنوعة التي تدل على مدى نضج الصداقة المشتركة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية. كما أتطلع إلى البناء على إنجازات الزيارة من أجل تعزيز علاقتنا الثنائية القوية تاريخياً. أرحب بولي العهد محمد بن سلمان في الولايات المتحدة وأتمنى له زيارة ممتعة ومثمرة.
* القائم بالأعمال في سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في الرياض
التعليقات