مصطفى الصراف 

لن تستطيع معظم الدول العربية الدفاع عن نفسها ضد التدخلات الخارجية، ما دام أنها متباعدة سياسيا بعضها عن بعض، ولكي يعود الوئام بينها، فيشتد عودها لمواجهة التحديات الرامية إلى الاستفراد بكل منها على حدة، لا بد أن يكون هناك هدف مشترك يجد صداه لدى الشعوب العربية، وقد جربنا لسنوات، بداية من الخمسينات وحتى أواخر الستينات، الوقوف صفّا واحدا دفاعا عن فلسطين كجزء من الوطن العربي، تم احتلاله من قبل الكيان الصهيوني، بمساعدة الاستعمار الغربي، وقد تحقّقت بذلك نهضة عربية تسودها روح عربية واحدة غرست في نفوس الأجيال، فشعر العرب بوجودهم وقوتهم المعنوية كأمة يمتد وجودها على كامل أرض الوطن العربي من الخليج العربي إلى المحيط الأطلسي، ولم تهتز تلك الأمة آنذاك رغم الخسائر العسكرية التي خاضتها الجيوش النظامية من دون دراسة كافية لقوة العدو، والاستعداد له، بما يحقق الانتصار عليه، ولكن لم تهزم الشعوب العربية وبقيت معنوياتها عالية، وما زالت مستعدة لمواجهة العدو الصهيوني.
لقد حاول الاستعمار الصهيوني الغربي وما زال غرز روح العداء، وبث الفرقة بين الشعوب العربية عن طريق بث البرامج الطائفية والعنصرية، ولكن عمق المشاعر العربية التي ترسّخت في الخمسينات والستينات، أبت أن تقبل تلك المحاولات، فإذا كان الاستعمار قد نجح، إلى حد ما، في التفريق بين بعض الأنظمة العربية، فان الشعوب العربية ستفرض تواجدها لتعود هذه الأنظمة إلى سابق عهدها في التضامن والتصدي لأي قوة طامعة في إعادة الاستعمار الى المنطقة، مهما كان موقعه، ولذا لا بد للدول العربية أن توحّد وقوفها، وتنظم صفوفها لمواجهة الاستعمار الصهيوني بهدف استعادة ما أُخذ منها بالقوة رغم إرادتها، فبالإرادة والعزم تتّحد الأمة العربية وتقوى اجتماعيا وعسكريا، فتكون قادرة على حماية سيادتها، وثرواتها من الأطماع الخارجية.
إن الالتفاف حول القضية الفلسطينية كقضية مركزية عربية مبنية على حقوق عادلة، ألا وهي عودة الشعب الفلسطيني إلى أرضه وإقامة دولته المستقلة، ستجمع الأمة العربية، شعوبا وحكومات، على كلمة واحدة، ومشاعر واحدة، سيحترمها العالم أجمع. وستقف معها الدول الإسلامية والدول العادلة والمحبة للسلام.
إن تدخّل أميركا والصهيونية العالمية في شؤون المنطقة أمر مرفوض، كما هو مرفوض تدخّل أي دولة أجنبية، ومع الحفاظ على سيادتنا وإقامة علاقات صداقة مع كل دول العالم، خاصة دول المنطقة.