مشاري الذايدي 

كل أسبوع تقريباً نحن أمام خبر سعودي جديد، له علاقة بنحت صورة جديدة للإنسان، والحياة في هذه البلاد الشاسعة الغنية بتنوعها.
كل من زار الرياض أو جدة وغيرهما من الجغرافيا السعودية، وتكون هذه أول زيارة له، أو تكون آخر زيارة له حصلت قبل عشر سنين أو أكثر، يتخلّق لديه الإعجاب، ويستوقفه هذا الإيقاع السريع في التغيير.
مثلاً، أطلقت هيئة الترفيه السعودية، وهي نفسها كيان جديد في أسلوب عمل الدولة، برنامجها المثير للحماسة «جودة الحياة»، أو «اللايف ستايل» مشتملاً على عدد من المبادرات والأدوات التي تحسّن من جمالية الحياة اليومية للإنسان على الأرض السعودية، في الرياضة والثقافة وغيرهما من المجالات.
لا وقت يضاع، ومن يرِد مواكبة الإيقاع السعودي فعليه اللحاق به والتكيف معه، وإلا فإن قانون التكيف والانتخاب الطبيعي والبقاء للأصلح، سيسري عليه.
هل ممكن أن تحصل أخطاء أو تجري مراجعات لما تمّ، في الوقت نفسه الذي تهرول فيه البلاد نحو مروج المستقبل الخضراء؟
نعم، ولكن الجميل أن القيادة تعي ذلك تماماً، ففي اللقاء الذي أجرته مجلة «ذا أتلانتيك» الأميركية مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، سأله الصحافي جيفري غولدبيرغ: «أشعر بالفضول حول شبابك، فهذه مهمة معقدة جداً بالنسبة لشاب».
فأجابه الأمير: «إنني أؤمن بأن البشر يتعلمون حتى آخر يوم في حياتهم. وأي شخص يدّعي معرفة كل شيء لا يعرف شيئاً حقاً. وما نحاول القيام به هو أن نتعلم بسرعة، ونفهم بسرعة، وأن نكون محاطين بأشخاص أذكياء».
هذه الإجابة هي بالضبط ما يشكل سرّ السعودية الجديدة، الجرأة المصحوبة بالعقل، الملتزمة بالتعلم، السائرة بسرعة، المصغية لنصائح الأذكياء.
تذكّرت سطوراً كتبها أحد «الأذكياء» الذين عملوا مع الملك المؤسس عبد العزيز.
يخبرنا الشيخ حافظ وهبة، عن الملك عبد العزيز: «كان عبد العزيز يكره الملق، ويحب البحث والنقاش، في كل ما يعرض عليه من الشؤون المهمة، ويكره كل الكره ما تعارف عليه الناس من قولهم (الشيوخ أبخص) أي الحكام أعلم، فكان يقول دائماً: نحن بشر، نخطئ ونصيب، فإذا كنا أعلم، فلماذا أسأل وأستفهم؟».
ويضيف الشيخ حافظ: «كان من آيات عظمته اعترافه بالخطأ إذا أخطأ (...) منحه الله عقلاً كبيراً وبصيرة نافذة وزاده خبرة بالأمور ما كان يقدمه له مستشاروه من الآراء». ص41 من كتاب حافظ وهبه (خمسون عاماً في جزيرة العرب).
حفيد عبد العزيز، عراب الرؤية الجديدة، يمشي، بشروط العصر، على خطى الجد... المؤسس الكبير.