بيروت
تترقب الأوساط السياسية اللبنانية مدى انعكاس العقوبات الأميركية والخليجية الجديدة التي تطاول قيادات الصف الأول في «حزب الله» وفي طليعتها أمينه العام السيد حسن نصر الله، على عملية تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة. لكنها ترى أن العقوبات ليست العامل الوحيد الذي سيؤثر في التوليفة الحكومية المقبلة في ظل التوازنات التي أنتجها البرلمان الجديد. إذ إن أحجام التمثيل في السلطة التنفيذية كانت موضع بحث في الغرف الضيقة قبل أن تصدر العقوبات، في انتظار الاستشارات النيابية الملزمة لعملية التأليف.
وقالت مصادر سياسية لـ «الحياة» إنه إذا كان مقصوداً بفرضية انعكاس العقوبات على تأليف الحكومة، عدم تمثيل «حزب الله» فيها، بعد عدم تمييز أميركا والدول الخليجية في «مركز استهداف مكافحة تمويل الإرهاب» بين الجناحين السياسي والعسكري للحزب فإن هذا الأمر مستبعد، مع إعلان رئيس الجمهورية ميشال عون أمس أن «ما بعد الانتخابات سيشهد تشكيل حكومة وحدة وطنية». لكن المصادر ذاتها اعتبرت أنه مع الإحراج الذي يمكن أن يسببه إشراك الحزب في الحكومة لرئيسها المنتظر تسميته لتشكيلها بالأكثرية، زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري، في علاقته مع الدول الخليجية وأميركا، فإن هذه الدول سبق أن تفهمت التوازنات المحلية التي تفرض على القوى السياسية، ومنها الحزب، أن تتعاون من أجل معالجة مشاكله وعلى أساس التزام الحزب الموقف الحكومي النأي بالنفس عن حروب المنطقة. وهذا الأمر كان موضوع مراقبة من الدول الداعمة لاستقرار لبنان التي ترى أن «حزب الله» لا يلتزم هذه السياسة، ما دفعها إلى تكرار الدعوة في البيانات الصادرة عن مؤتمرات الدعم العسكري والاقتصادي والمالي للبنان التي انعقدت في الشهرين الماضيين إلى «تعزيز مبدأ النأي بالنفس».
وذكر مصدر سياسي بارز أن «حزب الله» كان أعلن اعتماد مبدأ فصل تمثيله الوزاري عن النيابي، وأن السؤال الذي يطرح بعد العقوبات هو هل سيأتي بمحازبين منه من المتشددين أم سيأتي بأشخاص يصعب أن تمسهم العقوبات. كما أن الأمر يتوقف على الحقائب التي يطالب بها، في ظل توقعات بأن يتشدد الحزب بمطالبه في شأن الحقائب بعد العقوبات، خصوصاً أن نصرالله كان تحدث عن الرغبة في «وجود قوي» في الحكومة. لكن مصدراً سياسياً معنياً بمتابعة تأليف الحكومة استبعد أن يطالب الحزب بحقيبة رئيسة أو سيادية، لأن حقائب كهذه تناط عادة بمن يسميهم رئيس البرلمان نبيه بري من الطائفة الشيعية. وأشار مصدر آخر قال لـ «الحياة» إن صوغ البيان الوزاري للحكومة سيكون مدار نقاش وفق المعطيات الجديدة فيما ترجح الأوساط السياسية اعتماد النصوص الواردة في بيان الحكومة الحالية، في شأن دور المقاومة ضد الاحتلال مع إضافة تتعلق بنية مناقشة الاستراتيجيا الدفاعية لمعالجة سلاح الحزب.
وأمس شدد الحريري خلال ترؤسه أول اجتماع للمكتب السياسي لتياره بعد الانتخابات على أن «حماية لبنان ومنع تحويله صندوق بريد لأزمات المنطقة مهمة ليست سهلة، لكنها واجب وطني يجب ألا نتخلى عنه، في مواجهة الخيار الثاني بأخذ البلد إلى المجهول، أو إلى صراع أهلي، وأنا لا يمكن أن ألعب هذا الدور، ولا يمكن أن أقبل أن يكون البلد منصة لأجندات خارجية معادية للدول العربية». ودعا المكتب السياسي لـ «المستقبل» الفرقاء إلى «التعاطي مع تشكيل الحكومة المنتظرة، بعد تسمية الرئيس المكلف، من منطلق التكامل وليس من منطلق الشروط المسبقة، رأفة باللبنانيين الذين يريدون العبور إلى مرحلة جديدة بشروط الدولة، والحفاظ على الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني».
وأوضح وزير الاقتصاد السابق النائب المنتخب نقولا نحاس، أنّ «العقوبات ضدّ حزب الله ليست جديدة ولن تؤثّر في الاقتصاد اللبناني».
وقال النائب المنتخب عضو قيادة «حزب القوات اللبنانية» وهبة قاطيشا: «العقوبات تدخل في الصراع الأميركي- الإيراني، وعندما يخالف حزب الله الشرعية اللبنانية، أنا لا أملك الحق في الدفاع عنه». و دعا «حزب الله» إلى أن «يُلبنن» لئلا تؤثر العقوبات في تشكيل الحكومة.
التعليقات