حمود أبو طالب
كلهم قلوبهم على الوضع الإنساني في اليمن، لكن قلوبهم وعقولهم لا يهمها مستقبل اليمن، الذي يمكن أن يحل به دمار فظيع يطال إنسانه وأرضه إذا ما تمكنت منه واستمرت ميليشيا الحوثيين كأداة تنفذ مخطط تفتيت اليمن. كلهم، من الأمم المتحدة ومجلس أمنها، إلى المنظمات الحقوقية والإنسانية المسيسة التي تعمل خلف الستار كقوة ناعمة لتنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد أو الكبير، إلى العواصم الكبرى لما يسمى بالمجتمع الدولي، كلهم لا يريدون أن تحدث مأساة إنسانية بسبب تحرير الحديدة، لكنهم يتناسون أن المأساة قد وقعت وتأزمت منذ استولى الحوثيون على اليمن، وعلى الحديدة ومينائها بالذات الذي تم تسخيره لدخول السلاح الإيراني ونهب المساعدات الإنسانية والتنكيل بالشعب اليمني.
من جمال بن عمر إلى إسماعيل ولد الشيخ إلى مارتن غريفيث واللعب الأممي بمصير اليمن مستمر، أو بالأصح المؤامرة عليه مستمرة بتمييع محاولات انتشاله من براثن الحوثيين والتمدد الإيراني للسيطرة على مستقبله الذي سيكون وخيماً لو تم ذلك. الآن وبعد بشائر تحرير الحديدة كهدف إستراتيجي مهم يقدم السيد غريفيث خطة (لإنهاء الحرب في اليمن، تتضمن «تسوية» للوضع في الحديدة وإطار عمل لمعاودة المسار السياسي تتضمن 25 بنداً تستند إلى القرارات الدولية والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني). والسؤال للسيد غريفيث ومنظمته ومجلس أمنه أليس هذا ما يطالب به المخلصون لتخليص اليمن من أزمته، وأن هذا ما يرفضه الحوثيون باستمرار وإصرار حتى هذه اللحظة. مسألة المسار السياسي، رضوخاً لتهديدات الحوثيين بتحويل الوضع في الحديدة إلى حرب شوارع، يجب أن يكون سبباً مهماً في دعم التحالف لإخراجهم، لأن الخراب سيكون أقل، ثم أليست هي القرارات الدولية من صنّفت الحوثيين كميليشيا إرهابية خارجة على القانون والشرعية وطالبتها بتسليم السلاح.
فاوضهم يا سيد غريفيث، ولكن لا بد من استمرار عملية تحرير الحديدة ودحر الميليشيا الحوثية منها، لأن المسألة أمن اليمن ومستقبله، وأمن جواره الذي أصبح مهدداً بالسلاح الإيراني في أيدي عصابة مارقة. ونكرر ونعيد أنه لا يجب على التحالف الانخداع باللعبة الأممية التي أطالت أمد الفوضى في اليمن وتمدد خطرها، عليه المضي في تحرير اليمن من عصابة البدائية والخراب.
التعليقات