& نجلاء حبريري

«الشركات العالمية أدركت أن الاستثمار في الشرق الأوسط شرط أساسي لنجاحها»؛ هي عبارة لخّص من خلالها وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي محمد التويجري الإمكانات الهائلة التي تحظى بها المنطقة. وخصّص المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، مساء أول من أمس، جلسة لاستعراض هذه الإمكانات، وسبل تجاوز التحديات التنظيمية والسياسية والاجتماعية التي تعوق استغلالها.

وشارك إلى جانب التويجري في جلسة «نظرة استراتيجية للشرق الأوسط»، يوسف الشاهد رئيس الحكومة التونسية، ورامي الحمد الله رئيس حكومة السلطة الفلسطينية، وخالد الرميحي الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية البحريني، وألان بيجاني الرئيس التنفيذي لـ«مجموعة ماجد الفطيم».

وعدد التويجري بعض الإمكانات الواسعة التي تتمتّع بها المنطقة «الغنية جدا»، سواء كانت «تحت الأرض أو فوقها، أو بمجتمعاتها الشابة المواكبة للتكنولوجيا، أو بحجم التجارة التي تعبرها». لكن التحدي، وفق الوزير السعودي، هو الربط بين جميع هذه الإمكانات. ولتحقيق ذلك، شدد الوزير على ضرورة التنسيق بين دول المنطقة، ضاربا المثال بـ«النموذج السعودي - الإماراتي» الذي يهدف إلى خلق «مرجع» تتبعه الدول الأخرى.

وأشار التويجري إلى أحد أوجه هذا التعاون، وهو التنسيق الحدودي مع الإمارات. وقد أعلن الجانبان في ديسمبر (كانون الأول) الماضي استخدام التكنولوجيا المالية في عمليات التسوية عبر الحدود، بما في ذلك عملة رقمية اشتركتا في تطويرها لذلك الغرض.

وقال التويجري: «نأمل أن نلهم دولا أخرى في المنطقة للاقتداء بهذا المثال. فقد عُرفت منطقة الشرق الأوسط منذ بداية الثلاثينات (من القرن الماضي) بالمشاكل والتحديات والصراعات والحروب... حان الوقت للحديث عن حلول، وسبل تطبيقها».

في حين عدّ بيجاني أن مثال التعاون بين السعودية والإمارات «مثالي» بالنسبة للقطاع الخاص في الشرق الأوسط.

من جهته، رأى الرميحي أن جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى المنطقة مرهون بأربعة شروط: الأول يتعلق بحجم السوق، وسهولة الوصول إليها وإلى الأسواق المجاورة لها. والثاني مرتبط بالكفاءات البشرية والقدرة على توفير التدريب المناسب. أما الثالث، فهو الوصول إلى التمويل المناسب للمستثمرين. وقال إنه «في دول الخليج مثلا، لدينا تمويل يقارب 3 تريليونات دولار. وقد بدأنا في تغيير مقاربتنا من تصدير رؤوس الأموال إلى الخارج، إلى استثمارها داخل البلاد». وتابع أن «صندوق الاستثمارات العامة بالسعودية أبرز مثال على ذلك».

أما الشرط الرابع، فيقوم على الحصول على استثمارات أجنبية «مؤثّرة». وأوضح: «اليوم، الشركات العملاقة تكتفي ببيع وتسويق منتجاتها في المنطقة، بدلا من الاستثمار في تدريب المهندسين والمبرمجين». وأعطى الرميحي مثالا على ذلك، بافتتاح «أمازون» مكتبا للحوسبة السحابية في البحرين. وأضاف التويجري إلى ذلك بالقول إن الاستثمار الأجنبي لا يعتمد فقط على تقييم الطاقات البشرية، بل ينظر كذلك إلى القوانين التنظيمية والأطر القانونية، والخدمات اللوجيستية... وغيرها.

وتطرق التويجري كذلك إلى جهود الحكومة السعودية في إطار «رؤية المملكة 2030» لتنويع مصادر الدخل وتخفيف الاعتماد على النفط، مشيرا إلى الاستثمارات الكبيرة التي قادتها مؤسسات حكومية في الطاقات المتجددة (خصوصاً الشمسية والريحية).

وأعطى كل من الحمد الله والشاهد أمثلة حية على تحديات من نوع آخر تعوق استغلال الفرص والإمكانات المتاحة في المنطقة. وعدّ رئيس حكومة السلطة الفلسطينية أن الحالة الفلسطينية «حالة خاصة» في المنطقة. وقال: «تصوروا بلدا يعمل تحت وطأة الاحتلال. إن نظرنا إلى الضفة الغربية وحدها، فسنجد أن 64 في المائة من الأرض ترضخ لاحتلال عسكري إسرائيلي تام، ما يعني أننا لا نستطيع الاستثمار (في هذه الأراضي) أو بناء مدرسة أو حتى مستوصف. أما غزة، فتعيش تحت حصار منذ 12 عاما».

واستدرك الحمد الله بالقول إنه رغم ذلك «نجحنا في بناء اقتصاد مرن؛ فقد بلغت نسبة نمونا 2.3 في المائة، كما شهدنا تجليات للثورة الصناعية الرابعة من خلال التجارة الإلكترونية». كما أشار الحمد الله إلى أن هناك «حاضنات تقنية» في كل الجامعات في فلسطين، لدعم المشروعات وطرحها في السوق.

وشدد الحمد الله على حاجة فلسطين إلى القدرة على «التنقل» في منطقة الشرق الأوسط، ورفع الرسوم الجمركية المفروضة على منتجاتها. وذكر أن بلاده أبرمت اتفاقات ثنائية مع دول عدة؛ في مقدمتها السعودية التي طبقتها، معربا عن أمله في التزام الدول الأخرى بهذه الاتفاقات.

أما يوسف الشاهد، رئيس الحكومة التونسية، فأشاد بنجاح دول شمال أفريقيا؛ مثل تونس والمغرب ومصر، في اجتذاب شركات أجنبية تنتج سلعا ذات قيمة مضافة عالية، وتوظف كفاءات بشرية محلية؛ مهندسين وأطباء... وغيرهم. إلا إن الشاهد عدّ أن بلاده تعيش «حالة استثنائية» بعد ما سُمي «الربيع العربي».