& &حسين البدوي

&لقد جاء تأكيد وزير الإعلام الباكستاني فؤاد شودري، على دور المملكة العربية السعودية في تخفيف التوتر مع الهند، ليبعث برسالة إلى كل دول العالم عن قدرة المملكة على القيام بما تعجز كثير من الدول عن القيام به، ويعكس دور الدبلوماسية السعودية المتقدم في شبه القارة الهندية بصفتها حليفاً استراتيجياً وموثوقاً به للبلدين.

وعكست نتائج الجولة الآسيوية الأخيرة لسمو الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، والتي شملت زيارات رسمية لباكستان والهند، رؤية المملكة باعتبارها قوة إقليمية ومحورية قادرة على دعم الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم والتصدي للإرهاب، تعمل جاهدة على ترسيخ حقبة جديدة من الشراكات الاستراتيجية بما يخدم المصالح المشتركة سياسياً واقتصادياً وصناعياً وعسكرياً.

وتأتي المبادرة السعودية في تخفيف حدة التوتر العسكري بين الجارتين النوويتين إسلام آباد ودلهي، امتدادًا لمساعــي المملكة بقيـــادة خــــادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -سدد الله خطاه- في دعم وإرساء السلام والاستقرار العالمي، وانطلاقاً من دورها الإقليمي والدولي الرائد في تحقيق الأمن والســلام بين الشعوب، لمـــا تتمتع بــــه من قــــوة تأثير لدى جميع الأطراف الدولية باعتبارها صاحبة التحالفات الأكبر في المنطقـــة، وقـــوة لا يستهان بهـا في جميـــع المحــافل الدولية.

إن مقدرة المملكة على إقناع الولايات المتحدة الأميركية ودولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة بلعب أدوار موازية ومساندة من أجل تهدئة الصراع بين البلدين، يؤكد الحضور السعودي الدبلوماسي الفاعل في اتخاذ معالجات سريعة لإطفاء التوترات والأزمات، وإزالة عوالق الخلاف والاختلاف بين الأمم والبلدان.

لقد بينت تصريحات الجانبين أن الحديث عن توترات جديدة محتملة كانت مجرد موجة انكسرت على صلابة القوة السعودية، فعبّرت قيادات البلدين بكل وضوح عن الحرص الشديد على تعزيز التحالف مع الرياض لما فيه من مكاسب جمة للجميع، وإدراك للدور السعودي المؤثر على استقرار العالم في إطار استراتيجية متوازنة ضمن الرؤية 2030، التي تربو إلى تحقيق المصالح سواء للمملكة أو لشركائها الدوليين.

وهدأ التصعيد بشكل كبير بين إسلام آباد ودلهي والذي أقض مضاجع البلدين الجارين، بعد جهود المملكة وتحركات من القوى العالمية أسفرت عن تسليم باكستان طياراً هندياً أسيراً يوم الجمعة الماضي، بعدما نشبت أجواء من التوتر أثارت قلق دول العالم التي حثت الجارتين على ضبط النفس خاصة في منطقة كشمير الجبلية -التي يشكّل المسلمون غالبية سكانها مقسمة بين الهند وباكستان منذ الاستقلال عن بريطانيا في العام 1947م- لتجنب نشوب صراع جديد بينهما بعدما خاضتا ثلاث حروب.

ويحسب للمملكة قدرتها على الوقوف بحياد وتوازن تجاه كافة القوى الكبرى والإمساك بروابط التحالفات لتحقيق التوازن الدولي وتظل شريكاً استراتيجياً في علاقاتها ماضية بحرص وخطوات مرسومة ومدروسة وفي نفس الوقت تساند وبقوة شركاءها وتحثهم على المضي قدماً في تطوير علاقاتهم معاً بطريقة تضمن مصالح الطرفين، وتدعم وتؤيد كل مسعى في اتجاه لمِّ شمل الفرقاء.

ولا شك أن إرساء السلام في شبه القارة الهندية يأتي من حرص المملكة على استتباب الأمن في تلك المنطقة التي تتقاطع فيها العديد من المصالح المهمة سواء كانت تجارية أو اقتصادية، وما تشكله من أهمية كونها أهم مسارات التجارة والطاقة وأكثرها حيوية وتأثيراً في الاقتصاد العالمي، وذلك بسبب الموقع الجغرافي لدول الإقليم، والكثافة السكانية العالية، والصعود السياسي والنمو الاقتصادي لتلك الدول، ما يعني أن أي توترات قد تحدث تؤثر وبشكل مباشر على رخاء واستقرار القارة والعالم.