عبدالمحسن يوسف جمال

&إزهاق النفس البريئة بلا سبب من أكبر الجرائم التي تستنكرها النفس الإنسانية السوية، التي لا يقدم عليها إلا من استولى الشر على نفسه وتحكم الشيطان به. فالإنسان محصن من القتل من قبل خالقه ومن قبل كل المجتمعات البشرية على مدار التاريخ، ولكن في البشر هناك من لا يحب البشر، وفي البشر من يحب قتل البشر، وهم مرضى النفوس وأعداء الإنسانية، لا يخلو منهم دين ولا عرق ولا جنسية. نجد آثامهم وجرائمهم في كل مكان وفي أغلبية البلدان وكان آخرها في نيوزيلندا بلد الأمن والأمان. حين اعتدى أحدهم على بيت من بيوت الله أقيم في تلك المناطق الجميلة ليسجل مأساة أخرى تضاف إلى مآسي هذا النفر من الناس الذين باعوا أنفسهم للشيطان.

ولكن مع عظم الجريمة تجد في المقابل الروح الطيبة والنفس الكريمة التي بادرت بشجب الاعتداء والوقوف مع الضحايا متضامنين ومواسين على الرغم من اختلاف الدين واللغة الأصل. فما زال الخير في البشر وما زالت النفوس الطيبة تتجاذب إلى بعضها، وتتنافر من الأشرار وأفعالهم الدنيئة.. فالبشر توحدهم الإنسانية ويوحدهم حب الحياة وبغض الظلم.. حيث وقف الناس في كل مكان مستنكرين لهذا الفعل على الرغم من اختلاف الأديان والأجناس ليسجلوا تضامناً مع الحق وضد كل من يعتدي على البشر ويقتل الأبرياء في كل مكان.

والشكر لرئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن التي أثبتت بموقفها الصلب ضد حادثة الإرهاب الأخيرة أنها إنسانة بحق تقف مع الأبرياء أينما كانوا وتحافظ على الوحدة الوطنية لشعبها ضد من يريد تفريق الكلمة باستخدام التطرف والكراهية وسفك الدماء. وعلينا نحن – المسلمين – أن ندعم هذه المواقف بمحاربة التطرف الديني ونبذ الفتاوى الشاذة التي تفرق بين الناس وتدعو إلى القتل والاعتداء، فالبشر هم بشر يجب احترامهم وحمايتهم وحصانة أنفسهم وأموالهم من أي اعتداء. هذه الحادثة علينا أن نستثمرها كي نوحد النظرة العالمية لمحاربة الإرهاب في كل مكان والمتلبس بأي دين.. وعلينا أن نستذكر ضحايانا العرب والمسلمين في كل دولنا المعتدى عليها حرباً أو إرهاباً.

&