أكد الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة أن التطور الحضري في إمارة الشارقة بدأ منذ خمسة عقود بشكل مخطط يراعى فيه النمو الكبير للسكان حيث ارتفع عدد السكان من 28 ألف نسمة في 1970 إلى 1.4 مليون نسمة في 2019.
جاء ذلك خلال كلمة سموه التي ألقاها ضمن مراسم حفل أقامته جامعتا تورينو وبولي تيكنيكو دي الإيطاليتان قبل ظهر أمس الأول الجمعة في قلعة فالنتينو العريقة بمدينة تورينو الإيطالية، وذلك لمنح سموه شهادة الدكتوراه الفخرية المشتركة الأولى من نوعها بين الجامعتين في التنمية الحضرية والإقليمية.
وقال سموه: «إنه لمن دواعي السرور وشرف لي أن أحضر هذا الحفل في قلعة فالنتينو الرائعة، بحضور العديد من الأكاديميين والضيوف الكرام. كما يسرني أن أعرب عن خالص تقديري لجامعتي تورينو وبولي تيكنيكو دي ولإدارتيهما وسائر أعضاء اللجان التي رشحت وصادقت على هذه الشهادة العزيزة».


وأضاف سموه «هذا هو يوم مميز بالنسبة لي فالدكتوراه الفخرية من بولي تيكنيكو دي وتورينو، شهادة أعتز بها كثيراً، فجامعة بولي تيكنيكو دي تورينو هي أقدم جامعة تقنية في إيطاليا، وواحدة من الجامعات الأوروبية الرائدة في الهندسة وعلوم الكمبيوتر والتكنولوجيا، بالإضافة إلى جامعة تورينو العزيزة التي تقدم برامج علمية متميزة ونتمنى لهما التوفيق».


وحول محور التنمية الحضرية التي تم منح سموه الدكتوراه الفخرية في مجالها قال سموه: «الدكتوراه الفخرية اليوم هي في مجال التنمية الحضرية والإقليمية وهي أحد المجالات الهامة التي استمتعت بمزاولتها والإشراف عليها على مدار العقود الخمسة الماضية. ومن سبق له منكم أن زار الشارقة ربما قد شاهد بصمات أصابعي على كل مكان تقريبا من مدن ومناطق إمارة الشارقة».
وأضاف سموه «لقد كان الأمر ممتعا ولكن ليس سهلاً فنمو سكان مدينة الشارقة خلال العقود الخمسة الماضية هائل، فقد كان عدد سكان الإمارة حوالي 28 ألف نسمة في عام 1970 وهو الآن 1.4 مليون نسمة، نما عدد السكان 50 ضعفاً خلال تلك الفترة، وينمو حاليا بمعدل حوالي 7% سنويا».
وأوضح سموه الأهداف الرئيسية للتنمية الحضرية في الشارقة قائلاً: «منذ البداية كان لدينا ثلاثة أهداف رئيسية وضعناها نصب أعيننا، أولها يجب أن يكون لدى مدن ومناطق إمارة الشارقة شبكات من البنى التحتية الحديثة المخطط لها والتي توفر المستوى المأمول من نمط الحياة للعدد المتزايد من السكان، أما ثاني أهدافنا فيجب أن يعكس التصميم والهندسة المعمارية لبعض المباني في المدن الطابع المميز لكل مدينة، وثالث الأهداف التي وضعناها تمحور حول ترميم أكبر قدر ممكن من المباني والمواقع التراثية التاريخية والحفاظ عليها».
واستعرض صاحب السمو حاكم الشارقة في معرض حديثه نموذجاً لجهود الشارقة في مشاريع التنمية الحضرية الذي تمثل في المدينة الجامعية في الشارقة، حيث قال «منذ حوالي 25 عاما، قررنا تطوير مؤسسات تعليمية عالية الجودة في الشارقة، وكان ذلك في وقت ذروة بالنسبة إلى معدل النمو السكاني في المدينة. وعلى الرغم من وجود مواقع أقرب بكثير إلى وسط المدينة، فقد اخترنا موقعا يقع خارج ضواحي المدينة آنذاك».
وأضاف سموه «بدأ البناء في عام 1996 وانضمت أول مجموعة من الطلبة إلى الجامعة الأمريكية في الشارقة وجامعة الشارقة في أكتوبر 1997 حيث تم تأسيسهما في وقت واحد. وتم تسمية الموقع الكبير بتخطيطه الفسيح والمميز بمبان وهياكل جذابة للغاية «المدينة الجامعية»، وساهم التطوير الحضري المترابط والمتكامل حوله وما وراءه في توسيع حدود المدينة بشكل كبير وساهم في تحقيق نسبة كبيرة من الطلب الناتج عن النمو السكاني».
وتابع سموه «بالإضافة إلى أول جامعتين تم إنشاؤهما أصبحت المدينة الجامعية الآن موقعاً لكليات التقنية العليا في الشارقة، وأكاديمية العلوم الشرطية، والجامعة القاسمية، وكلية الأفق الجامعية، وأكاديمية الشارقة للأبحاث وغيرها من المؤسسات التعليمية والبحثية وبشكل إجمالي هنالك حوالي 32000 طالب من 85 دولة مختلفة، و1700 عضو هيئة تدريس، و2600 موظف إداري، ويتم تقديم أكثر من 120 برنامجاً للدراسات الجامعية والدراسات العليا في مجموعة واسعة من التخصصات ومجالات الدراسة».
وحول مستوى الخريجين في جامعات المدينة الجامعية في الشارقة قال صاحب السمو حاكم الشارقة «ينضم الآلاف من الشباب والشابات الموهوبين الجدد إلى جامعات وكليات المدينة الجامعية في كل عام. وتمكن البرامج الأكاديمية عالية الجودة التي ينتسب إليها الطلبة من اكتساب المعرفة والمهارات الأكاديمية والفكرية اللازمة للعمل بفاعلية في الاقتصاد الرقمي القائم على المعرفة. ولقد خرجت هذه الجامعات عشرات الآلاف من الطلبة الذين انضموا بالفعل إلى عالم العمل منذ عام 2001. ولهم تأثير إيجابي في جميع جوانب الحياة في مجتمعاتهم وهو مصدر فخر كبير».
ولفت سموه إلى استمرارية العمل على تطوير المؤسسات البحثية وعقد شراكات فاعلة مع المؤسسات الرائدة في ذات الاختصاص، قائلاً «نواصل تطوير الشراكات البحثية مع مراكز البحوث المرموقة في جميع أنحاء العالم، فلقد أنشأنا مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار لتسهيل وتعزيز الروابط بين مراكز البحوث والمجتمع ونأمل أن تسهم هذه الزيارة في تحقيق التعاون عبر التحاور مع الأساتذة والباحثين في جامعة بولي تيكنيكو دي تورينو وجامعة تورينو، ليس فقط في التنمية الحضرية والإقليمية ولكن أيضا في مجالات أوسع ذات الاهتمام المشترك مثل تقنيات المياه النظيفة وأنظمة الطاقة المتجددة وغيرها».&


ونحن نؤمن مثلكم إيماناً راسخاً بأن التعليم الجيد والبحث عن المعرفة الجديدة هما عنصران أساسيان للتنمية المستدامة في المجالات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات في كل مكان.
واختتم سموه كلمته قائلاً «السيدات والسادة، إن الترحيب الكبير والضيافة الكريمة التي تلقيناها منكم جميعاً منذ وصولنا إلى بوليتنيكو دي تورينو هي محل تقدير كبير، كما نود أن نعرب لكم عن خالص شكرنا لجميع الأشخاص الذين عملوا بجد لإنجاح هذه الزيارة متمنين لكم التوفيق والسداد».
وتفضل سموه بعدها بتسلم شهادة الدكتوراه الفخرية من البروفيسور جويدو ساركو رئيس جامعة بولي تيكنيكو دي تورينو بالإضافة إلى ميدالية خاصة ومجسم لقلعة فالنتينو العريقة.
ويأتي منح سموه شهادة الدكتوراه الفخرية تقديراً لدور سموه الفاعل في التنمية الحضرية لإمارة الشارقة في مختلف مدنها ومناطقها، والالتزام بتعزيز التكامل والاندماج بين الهندسة المعمارية والتكنولوجيا المستدامة مع مراعاة الثقافة المحلية.
وكان الحفل قد بدأ بكلمة للبروفيسور جويدو ساراكو رئيس جامعة بولي تيكنيكو دي تورينو تحدث خلالها حول تاريخ الجامعة العريقة التي أسست 1949 وأقسامها وبرامجها العلمية، كما ثمن جويدو ساراكو العلاقة الوطيدة بين إيطاليا وجامعاتها مع دولة الإمارات على وجه العموم وإمارة الشارقة على وجه الخصوص، مشيداً بجهود صاحب السمو حاكم الشارقة الحثيثة ما جعلها منارة للعلم والثقافة في المنطقة.


وأشار رئيس جامعة بولي تيكنيكو دي إلى أن هذه الدكتوراه الفخرية الأولى التي تتشرف الجامعة بالشراكة مع جامعة تورينو بمنحها لشخصية عظيمة بمستوى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي.
ليلقي بعدها البروفيسور سيركز سكاموتزي رئيس جامعة تورينو كلمة عبر خلالها عن سعادته بمنح حاكم الشارقة الشهادة الفخرية التي يستحقها بكل جدارة لما له من تاريخ كبير وفكر رائد في تطوير إمارة الشارقة بالاعتماد على العلم والثقافة كأدوات للتطوير والتنمية.
وألقى كل من الدكتور أومبرتو جانين ريفولين منسق عام قسم الدكتوراه في جامعة بولي تكنيكو دي تورينو، والدكتور اجينيو بروزا رئيس قسم الدكتوراه في جامعه بولي تيكنيكو دي تورينو، والدكتورة جوزيبه فالديتارا رئيس قسم التعليم العالي في وزارة التعليم والجامعات الإيطالية، كلمات قدموا خلالها التهنئة إلى صاحب السمو حاكم الشارقة لنيله هذه الشهادة الأولى من نوعها التي تؤكد على دوره الرائد في مجالات التنمية الحضرية بالإضافة إلى المبادرات والجهود الثقافية التي يبذلها سموه في إمارة الشارقة وخارجها.
وعقب حفل تسلم صاحب السمو حاكم الشارقة شهادة الدكتوراه الفخرية، تجول سموه في أروقة قلعة فالنتينو العريقة مطلعاً على أقسامها وما تضمه من قاعات حيث تعد هذه القلعة أول موقع لجامعة بولي تيكنيكو دي تورينو، كما اطلع سموه على معارض تضم العديد من الخرائط والوثائق التاريخية للقلعة.
رافق سموه كل من عمر عبيد الحصان سفير الدولة لدى جمهورية إيطاليا، وعبد الله بن محمد العويس رئيس دائرة الثقافة، وأحمد بن ركاض العامري رئيس هيئة الشارقة للكتاب، والدكتور عبد العزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث، وعلي المري رئيس دارة الدكتور سلطان القاسمي، وعبد الله حسن الشامسي قنصل عام الدولة في ميلان، ومحمد حسن خلف مدير عام هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون، والدكتور عمرو عبد الحميد مدير أكاديمية الشارقة للبحوث وعدد من المسؤولين والإعلاميين والمثقفين.

&