&محمد اليامي&

في العشرين من آب (أغسطس) 2010 كتبت في هذه الجريدة مقالة بعنوان: «نجار هيئة الاستثمار»، وهي مقالة ضمن معركة «إعلامية» مع الهيئة العامة للاستثمار آنذاك التي اتبعت أساليب غير شفافة في تلك المعركة، وكان هناك أكثر من طرف إعلامي في المعركة، واستعانت الهيئة بأطراف غير «إعلامية» وربما غير مصنفة في عالم الاتصال.. ما علينا.


ختمت تلك المقالة بسؤال وتعليق هو: «لو جاء مستثمر سعودي للهيئة وقال لهم سأسحب أموالي من «هنولولو» وأجلبها للمملكة مستثمراً في منجرة لإعداد كُوَش الأفراح، هل ستمنحه الهيئة ما تمنح «النجّار» الأجنبي الذي سبقه من ميزات إنهاء الإجراءات وسهولة استخراج تأشيرة العمل؟»، في ذلك الوقت كانت الإجابة التي لم نسمعها هي «لا».

كانت هناك تحفظات على طريقة تفكير وعمل الهيئة التي استغل بعض الأجانب حماسها وفتحوا محال من مستوى مناجر كوش الأفراح تحت غطاء الاستثمار الأجنبي، ولـ «الهيئة» في ذلك الوقت ملفات كثيرة لم تكن واضحة أو دقيقة، والحمد لله أن عهد «الحزم» و«العزم» شهد تصحيح كثير من مشكلاتها، بما في ذلك فساد أشخاص بعينهم واسترداد ما هو حق للوطن والمواطنين.

أسترجع كل ذلك مع إقرار نظام «الإقامة المميزة» الذي هو أولاً تسمية للأشياء بمسمياتها، وللعلم فتسمية الأشياء بمسمياتها بوضوح وجرأة هو أحد أسباب إعجاب السعوديين والعالم بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مهندس الرؤية السعودية وعراب السعودية الجديدة، وأسباب الإعجاب به كثيرة ومحقة.

ربما يعود النجار نفسه ضمن النظام الجديد، لكنه يعود بصيغة أكثر وضوحاً، وأكثر عدلاً للاقتصاد السعودي، وأكثر دقة وانضباطية فيما له وعليه، ليصبح ما يدفعه مقابل استثماره هنا واستفادته من المنافع والسوق القوية والأمان والاستقرار والطاقة الشرائية التي لا تزال معقولة قياساً بالآخرين، وستظل بإذن الله طالما خالفنا نصائح «غير المنصحين» في صندوق النقد الدولي، ليصبح بالفعل موازياً لما يحصل عليه.

النظام الجديد يسهم في زيادة العوائد المالية المباشرة لتنمية الإيرادات الحكومية غير النفطية وتنمية الناتج المحلي الوطني ويحرك عجلة الاقتصاد، وربما حقق زيادة النشاط الاقتصادي في قطاعات الخدمات والتجزئة وقطاع السياحة ويخلق فرص عمل كثيرة.

المتوقع أن يحسن نظام «الإقامة المميزة» جاذبية السوق السعودية وكفاءتها لاستقطاب الكفاءات المتميزة، من خلال السماح بحرية تنقل حامل الإقامة بين منشآت الأعمال، ما يرفع مستوى تنافسية القوى العاملة لرفع قدراتهم وتطويرها، كما يأمل فريق الرؤية أن يعمق العلاقة مع دول العالم باستقطاب الأفراد المتميزين، إضافة لاستقطاب الشركات، ما يدعم تنافسية الاقتصاد المحلي ويحقق أهداف رؤية 2030م.

تعزيز مستوى الاستهلاك من خلال زيادة القوة الشرائية النوعية، وخلق بيئة أكثر استقراراً للوافدين وأسرهم، أيضاً مهم لزيادة الطلب، وزيادة الطلب تعني تحسن الاقتصاد واستفادة قطاع الأعمال السعودي.

وكما حدث في أكثر من دولة ربما أسهم في استقطاب رواد الأعمال الأجانب وخبراتهم التي قد تساعد في تحسين خبرات رواد الأعمال السعوديين وترتقي بالأعمال التجارية والاستثمارية.

أحسب أن هذه الخطوة الجريئة واحدة من أكثر الخطوات واقعية، فإضافة إلى ما ذكرت الحكومة وذكر الجميع من فوائد اقتصادية، هناك أيضاً منفعة تصحيح أوضاع خاطئة نعرفها جميعاً في السوق، وهو ما سيتصل الحديث عنه وعن بقية منافع هذا النظام الذي تحفّظ عليه البعض لمجرد أنه يخص الأجانب، بينما هو في الحقيقة يخصهم أكثر.