& &عبدالرحمن النمري

&

لا يعتريني شك أبدا أن العقوبات الاقتصادية التي فرضتها واشنطن على النظام الإيراني التي تعد الأقوى تاريخيا والأكثر جدية وعلى رأسها "تصفير" صادرات النفط الإيرانية بدأت تؤتي أكلها، وما نراه من ردود أفعال هذا النظام الإرهابي تدل على أن هذا النظام يختنق بشدة. المتأمل في الهجومين الإرهابيين الأخيرين اللذين يحملان بصمات النظام الإيراني الذي استهدف أربع ناقلات للنفط في المياه الإقليمية الإماراتية شرق ميناء الفجيرة وتبعه عمل لا يقل إجراما باستهدافهم لمحطتي الضخ النفطيتين التابعتين لـ"أرامكو السعودية" في محافظتي الدوادمي وعفيف، المتأمل فيهما يلاحظ محدودية الأضرار، اللتين أرى ــ من وجهة نظر شخصية ــ أنهما استمرار للعب النظام الإيراني على الهاوية، وأنهما لا يعدان كونهما جس نبض لردود الأفعال من قبل الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.

ولربما ستكون ردود الأفعال تجاه هذين العملين الإرهابيين بمنزلة مقياس حقيقي لصناع القرار في إيران، الذين سيبنون عليها قرارهم وخطوتهم القادمة! ورقة إغلاق مضيق هرمز وتهديد الملاحة الدولية ورقة بالية عفا عليها الزمن، واستهلكت كثيرا خلال العقود الأخيرة من هذا النظام، ولن تجرؤ إيران على تنفيذها فهي بمنزلة المسمار الأخير في نعشها المتهالك. الرسالة التي أرادت طهران إيصالها بواسطة أذنابها ومطاياها لجس نبض ردود الأفعال هي أن لها القدرة على أبعد من إغلاق مضيق هرمز بوصولهم إلى المياه الإقليمية الإماراتية والمنشآت النفطية السعودية ما يعني تهديد الإمدادات النفطية بشكل عام.
السؤال الطبيعي الذي يفرض نفسه هنا ما الأهداف التي تأملها إيران من هكذا هجمات وتهديد سافر للإمدادات النفطية؟ كما ذكرت في مطلع هذا المقال أن محدودية الأضرار والواقع الاقتصادي الحقيقي الذي تئن تحت وطأته إيران بعيدا عن التصريحات العنترية لنظامها والرسائل الحماسية والتجييش، أرى أنهما يوحيان أن هناك هدفين رئيسين ــ من وجهة نظر إيرانية ــ الهدف الأول الذي تسعى له إيران وهو الأهم والمفصلي وله الأولوية القصوى، هو عدم وصول الصادرات النفطية الإيرانية إلى الصفر بأي حال من الأحوال وذلك بالعودة إلى طاولة الحوار مع الولايات المتحدة والوصول إلى مخرج مرض للطرفين

كتمديد استثناء بعض الدول لاستيراد النفط الإيراني كخطوة أولية يتبعها تخفيف العقوبات على الصادرات النفطية الإيرانية تدريجيا.
الهدف الآخر هو الضغط على واشنطن للعودة لطاولة الحوار فيما يخص الاتفاقية النووية. أعتقد أن ردود الأفعال خلال الأيام الماضية من المملكة والإمارات، وتصعيد الهجومين الإرهابيين وإدانتهما في جميع المنصات العالمية ذات الصلة، وما تبعه من تحرك خليجي على أرض الواقع بالموافقة على طلب أمريكي بإعادة انتشار قواتها في مياه وأراض خليجية بهدف ردع إيران عن أي اعتداءات محتملة، أعتقد أنها ردود أفعال قوية وسريعة ورسالتها واضحة للنظام الإيراني أن أي خطوة تستهدف الولايات المتحدة وحلفاءها والإمدادات النفطية ستواجه بكل قوة، إضافة إلى تصريح الرئيس بوتين الذي قال "روسيا ليست فرقة إطفاء ونحن غير قادرين على إنقاذ الجميع". جميع المعطيات والمؤشرات توضح أن النظام الإيراني يختنق وأن اللعب على الهاوية ليس آمنا دوما وأن من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه وليس في كل مرة تسلم الجرة!

&