&FINANCIAL TIMES

& مايا بالمر&

كل مخطط حضري يريد تجنب "مشكلة شارع أكسفورد". شارع التسوق الشهير في لندن الممتد على طول 1.2 ميل (1.9 كيلو متر) معروف بازدحامه. على امتداده الحافلات تسير ببطء، بسرعة بالكاد أكثر من سرعة المشاة، قاذفة أعلى مستوى مركز من ثاني أكسيد النيتروجين في العالم.
المدن في جميع أنحاء العالم تتباطأ حركتها كلما زاد نموها. وفقا لهيئة النقل في لندن، متوسط سرعة المرور في وسط المدينة انخفض من 9.2 ميل في الساعة في الربع الأول من 2010 إلى 7.4 ميل في الساعة في الربع الأول من 2017.
في وسط مانهاتن، انخفض متوسط سرعات السفر 20 في المائة منذ عام 2010، وفي مدينة بوجوتا، عاصمة كولومبيا، يقضي السائقون ما معدله 272 ساعة في حركة المرور كل عام، وفقا لشركة إنركس.
هذا الاتجاه من المنتظر أن يزداد سوءا فقط فيما العالم يتحضر. بحلول عام 2050، من المتوقع أن يعيش أكثر من ثلثي سكان العالم في المدن، وكثير منها مدن ضخمة تضم أكثر من عشرة ملايين نسمة.
"إذا كان بإمكانك إعادة تصميم شارع أوكسفورد بالكامل، فماذا أنت فاعل؟". يسأل ورويك جودال، شريك في شركة بي أي للاستشارات، التي تركز على النقل والتنقل. وأضاف "ستوجه حركة المرور كلها إلى أعلى أو إلى أسفل، محولا المدينة على مستوى الشارع إلى منطقة مخصصة للمشاة".
حتى الآن، جربت المدن بشكل أساسي مزيجا يشمل عدم تشجيع القيادة وبالمقابل تشجيع المشي وركوب الدراجات. باريس أوقفت حركة المرور في الأرصفة المنخفضة لنهر السين، في حين حظيت برشلونة باهتمام دولي كبير لخطتها لتنظيم المدينة على نحو جعل حركة السيارات مقتصرة على بعض الطرق الكبيرة، مع تحويل الشوارع إلى حدائق مخصصة للمشاة وملاعب.

بيد أن التكنولوجيات الجديدة يمكن أن تحدث تغييرات جذرية. المركبات الشخصية Micromobility، شاملة الدراجات الكهربائية الصغيرة "سكوتر" والدراجات العادية، تعد حلا محتملا لنقل الناس بكفاءة أكبر في أنحاء جميع المدن.
عشرات الشركات الناشئة بما فيها "بيرد" Bird و"لايم" Lime و"فوي" Voi و"بولت" Bolt غمرت المدن بدراجات السكوتر المشتركة التي يمكن تأجيرها بالدقيقة. في دراسة استقصائية حديثة، نحو 34 في المائة من الدراجين في بورتلاند، ولاية أوريجون، قالوا إنهم استخدموا في أحدث تنقلاتهم دراجة سكوتر بدلا من قيادة سيارة خاصة، أو استخدام تطبيق طلب سيارة أجرة عبر الإنترنت، أو ركوب سيارة أجرة.
لكن سلامة السكوتر تجعل مخططي المدن يترددون. وكالة النقل السويدية تدعو إلى حظر هذا النوع من وسائل النقل بعد وفاة رجل كان يركب سكوتر تابع لشركة فوي في هيلسينجبورج. أكثر من 1500 شخص أصيبوا بجروح أثناء ركوبهم السكوتر في الولايات المتحدة في عام 2018، وفقا لتقارير المستهلك، وهي منظمة المستهلك الأمريكي.
لكي تنجح الدراجات الصغيرة، ستضطر المدن إلى إنشاء طرق آمنة أكثر لها - ربما عالية فوق شوارع المدينة. شيامن في جنوب شرقي الصين، مثلا، بنت ممرا مرتفعا مخصصا للدراجات بطول ثمانية كيلو مترات. في الوقت نفسه، أعدت مجموعة بي إم دبليو وجامعة تينجاي الصينية خططا أكثر طموحا لشبكة من الأنابيب المغطاة فوق الشوارع لدراجات السكوتر والدراجات العادية. وتقولان إن عدة مدن أعربت عن اهتمامها.
السيارات الكهربائية ذاتية القيادة يمكن أيضا أن تغير مظهر المدن بشكل جذري. بحلول عام 2050، سيكون لدينا استقلال كامل من "المستوى 5" في المركبات، حسبما يقول بول نيومان، مؤسس "أوكسبوتيكا"، وهي شركة تصنع مثل هذه البرامج. "هذا هو الوقت الذي نصل فيه إلى سيارات من دون زجاج أمامي ومن دون عجلة قيادة".

مثل هذه السيارات يمكن أن تغير الطريقة التي يتم بها تخطيط المدن، بحسب ويليم ستريجبوش، رئيس القيادة المستقلة في شركة الخرائط "توم توم". "يمكن أن يحرر ذلك مساحة كبيرة. إذا كانت الغالبية العظمى من حركة النقل تتم بواسطة مركبات ذاتية التحكم، فربما تكون الشوارع أضيق".
السيارات ذاتية القيادة التي تتواصل مع بعضها بعضا من خلال شبكة لاسلكية ستكون قادرة على تجاوز بعضها بدقة السنتيمتر. "ربما تكون قادرا على تكييف أربعة مسارات في المكان الذي كان لديك فيه ثلاثة مسارات. إشارات المرور لن يكون لها حاجة بعد الآن. السيارات ستتواصل عبر الخرائط وستكتشف حق المرور عند المعابر بطريقة مختلفة".

يقول جودال إن وسائل النقل العام يمكن أن تصبح شخصية للغاية. "خلال القرن الماضي، كان النقل يتعلق ببناء مجموعات القطارات. سيتم بناء العقود المقبلة من النقل وفقا للاحتياجات الشخصية. لهذا السبب أوبر وغيرها من خدمات طلب سيارة الأجرة عبر الإنترت نمت بسرعة كبيرة - يمكنك أن تطلب سيارة أجرة وستصل في دقيقتين. سننتقل من النقل على سكك حديدية ثابتة وطرق إلى نقل ذي طابع شخصي مفرط".
مثال مبكر على ذلك تقدمه شركة ماس جلوبال MaaS Global الفنلندية الناشئة، التي تقدم للمستخدمين خدمة اشتراك عبر تطبيق الهاتف المحمول تشمل وسائل النقل العام، ومشاركة الرحلات، واستئجار الدراجات، واستئجار السكوتر، وسيارات الأجرة، واستئجار السيارات. وهي متاحة في عدد قليل من المدن الأوروبية وقريبا سيتم إطلاقها في الولايات المتحدة.

فكرة "التنقل ثلاثي الأبعاد" يمكن أن تتجاوز إلى ما هو أبعد من ممرات الدراجات المرتفعة. إيلون ماسك رائد الأعمال الأمريكي، لديه خطط لبناء سلسلة من أنفاق "الهايبرلوب" تحت عدد من المدن الأمريكية، حيث سيتم نقل الركاب بسرعات عالية في كبسولات داخل أنابيب مفرغة مغلقة.
في الوقت نفسه، تخطط شركات مثل "أوبر" و"ليليوم" لأساطيل من سيارات الأجرة الطائرة والطائرات الكهربائية التي يمكن أن تقلع وتهبط رأسيا من مهابط تنتشر في جميع أنحاء المدينة.
هل هذه الخطط بعيدة المنال؟ يقول ريمو جربر، كبير المسؤولين التجاريين في شركة ليليوم، إن الشركة تلقت اتصالات من عديد من المدن المهتمة بإدارة برامج تجريبية، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن سيارات الأجرة الطائرة تعد بديلا محتملا أرخص للبنية التحتية التقليدية، مثل الجسور والطرق الدائرية والسكك الحديدية.

"يمكننا أن نكون طريقة جيدة لاختبار الحاجة إلى حلقة نقل بين النقطتين أ و ب دون الحاجة إلى بناء أي شيء"، حسبما يقول جربر.
وفقا لجودال، حتى "الهايبرلوب" أقل تكلفة من، مثلا، وصلة السكك الحديدية التقليدية عالية السرعة. "السكك الحديدية لها مسارات، وإشارات، وأسلاك علوية. ومن الصعب بناؤها وصيانتها. مع الهايبرلوب، طالما أن الأنبوب محكم، فهناك أجزاء متحركة أقل".
وعود توفير المال ستمنح هذه الأفكار الجامحة على الأقل مدخلا مع مخططي البلديات. ومع حركة المرور الآلية تحت الأرض وفي الهواء، يمكن تحرير الشوارع.
بالنسبة لبعض الناس النقل الحضري في عام 2050 ربما يشمل أقدم الأشكال على الإطلاق: المشي.

إنشرها&&&&&