& &زياد آل الشيخ

&

&المملكة اليوم تحلق وحدها في المنطقة على المستوى الاقتصادي والسياسي في أفق لم يسبق لجيرانها أن بلغته، وكل هذه المكانة التي تحتلها المملكة جاءت نتيجة عمل منهجي منذ خمسين سنة أو أكثر، منذ اكتشاف النفط، لم تحاول المملكة كسب الجماهير كما فعل غيرها، ولم تسوق لنفسها بدعاية لمشروع أممي أو ثوري تكسب من خلاله تحالفات تستعين بها لمواجهة منافسيها. الحكمة التي تتصف بها هي التي مكنتها من احتلال مكانة دولية مرموقة، فعندما كانت الدول تأمم شركات النفط مثلاً، كانت المملكة وحدها تشتري حصصها وتفاوض على مزيد من الحصص حتى آلت ملكية شركة الزيت العربية لها بالكامل.

لم يمنع تمسك المملكة بمواقف مبدئية حيال القضايا التي تؤمن بها من أن تنال احترام الجميع، بل إن مواقفها الثابتة والتزامها بخط واضح سياسياً وأهداف اقتصادية مسخرة لخدمة مصالح شعبها عززا مكانتها وفرضا على العالم احترامها. ضمن هذا السياق يتبين لنا أن ما حققته المملكة من تقدم سياسي واقتصادي أصبح هدفاً لأطراف معادية لا يسرها هذا التقدم. وكنت تناولت ما فسرته بالدعاية السلبية التي تستهدف تعطيل برامج التنمية بتشويه صورة التغيير الذي تنفذه برامج الرؤية. ومع وجود عمل مركز لنشر الدعاية السلبية داخلياً، توجد حركة مماثلة لتشويه صورة المملكة خارجياً. لكن ماذا يعني أن تستهدف صورة المملكة خارجياً، وماذا يستفيد من ينفذ هذا الاستهداف؟

إن تنفيذ برنامج تنموي مثل رؤية 2030 يتطلب الاستعانة بخبرات دولية في مجالات مختلفة مهما توفرت للمملكة من مهارات محلية، ورغم أن الخبرات الدولية تستجلب بالوسائل المتعارف عليها، إلا أن توتر العلاقات الدولية الذي تعمل عليه دول ومنظمات ترى المصلحة في تعطيل التقدم الذي نحرزه اليوم؛ يمكن أن يعيق تنفيذ شراكات دولية مهمة. إن عالم العولمة الذي نعيشه اليوم يتطلب الاعتماد على علاقات تمكن الدول من تبادل الخبرات والمنافع الاقتصادية والمعرفية بصور مختلفة، ودون وجود علاقات دولية قوية، وبقدر قوة هذه العلاقات، تتحدد الفرص التي تتاح للدول وشعوبها، لذلك نرى أن سياسة المملكة الثابتة ومنهجها القائم على المصالح المشتركة بعيداً عن الأيديولوجيا السياسية أديا إلى بناء علاقة مميزة مع كوريا الجنوبية مثلاً.

إن الواجب علينا اليوم بناءً على ما تحقق من بنية متينة مع دول العالم الممثل في دول العشرين مثلاً، هو تمتين هذه العلاقات على المستوى غير الرسمي، ويتطلب ذلك تصميم برامج تستهدف بناء علاقات جديدة مع المجتمع المدني ممثلاً في الجامعات أساتذة وطلاباً ومراكز البحث والتطوير ومؤسسات الثقافة والإعلام. إن تكثيف الحضور المدني خارجياً في مناسبات عامة يعمق من صورة المملكة ويدعم مواقفها، مع ما يتضمنه الحضور الدولي من نقل المعرفة وتعزيز التواصل الثقافي المشترك.