&وفاء صندي&&

من المقرر أن تنظم دولة الإمارات بالتعاون مع مصر والفاتيكان منتصف الشهر الجاري حدثاً على هامش الدورة الـ 42 لمجلس حقوق الإنسان بمقر الأمم المتحدة بجنيف، حول «وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك»، تلك الوثيقة التاريخية التي وقّع عليها، فبراير الماضي بأبوظبي، فضيلة الشيخ أحمد الطيب، الإمام الأكبر للأزهر الشريف، وقداسة البابا فرانسيس.

يأتي هذا الحدث الدولي المرتقب في إطار جهود الإمارات للتعريف بهذه الوثيقة التي حظيت بترحيب واسع، بالنظر للمكانة الروحية الكبيرة للرمزين الدينيين الموقعَين عليها، ولما تضمنته من قيم ومبادئ تمثل إسهاماً كبيراً وعملياً في نشر التسامح والتعايش السلمي بين أتباع الأديان المختلفة، وصولاً للدفع باتجاه قيام الدول والأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية بصياغة السياسات والقرارات والتشريعات الكفيلة بوضعها موضع التنفيذ على الواقع.

وقد طالبت الوثيقة قادة العالم وصنّاع السياسات ومن بأيديهم مصير الشعوب بالتدخل الفوري لوقف نزيف الدماء وإزهاق الأرواح ووضع نهاية فورية لما تشهده من صراعات.

فاليوم وأكثر من أي وقت مضى، يشهد العالم موجة تصاعد سياسات الانغلاق والانقسام، ورفض الحق في الاختلاف والتنوع، مع تمجيد التمييز والإقصاء، وسيطرة الأيديولوجيات المتطرفة والشعبوية على غيرها من الأفكار المعتدلة، وانتشار الإسلاموفوبيا في الغرب والتطرف في الشرق، وما تمخض عنهما من هجمات إرهابية تستهدف تفكيك العيش المشترك.

ومن هنا تكمن أهمية وثيقة أبوظبي التي جاءت في توقيت دقيق كان فيه العالم في حاجة إلى من ينير له طريق الخلاص، فما تقوم به دولة الإمارات من مبادرات ومن جهود مخلصة لنشر قيم التعايش المشترك يصب في هذا الإطار، وما تقدمه للإنسانية من نموذج فريد في التسامح واحترام وقبول للآخر، يجعلها بلا شك رائدة ومثالاً يحتذى بين الأمم.

لا شك في أن المجتمع الدولي إذا سار على خطى الإمارات، فسيستطيع أن يتفادى نظريات الصدام بين الحضارات والأديان، وأن يحقق النقلة النوعية التي تأملها الشعوب، والتي تسود فيها ثقافة التعايش الخلاق، ونشر الخير ومواجهة أهل الشر والفتن وكل من يسير في ركبهم بصورة مشتركة وفعالة.