رضا البواردي

&سطرت الإمارات في كتب التاريخ أن «المستحيل مجرد كلمة»، وأن الإنجازات الكبيرة لا ترتبط بالوقت بل بالعزيمة والهمة والإرادة، واستثمار التحديات يعني تحويلها إلى فرص تنموية تصب في مصلحة الوطن والمواطن.. هذا ما أثبتته 48 عاماً من مسيرة البناء تحت ظل الاتحاد، فسابقت الإمارات الزمن بالعطاء والنجاح ليس على الأرض فقط بل في الفضاء أيضاً. ومن يرصد العقود الخمسة الأخيرة في عمر الإمارات يعلم يقيناً أن إنجازاتها على جميع المستويات مقارنة بدول متطورة أخرى تحدٍّ استثنائي نجحت القيادة الإماراتية منذ عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» ومن ثم برؤية صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله» في تجاوز ذلك التحدي وتحقيق الطموحات بالتخطيط والعمل والمتابعة، واستطاعت خلال أقل من 50 عاماً فقط أن ترسم مستقبل أجيالها وتمهد الطريق أمامهم لتحقيق أحلامهم. ولخص صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله» تلك الرحلة في جملة جامعة حين قال سموه «من الصحراء بدأنا وإلى الفضاء وصلنا». أهداف عظيمة تحققت خلال السنوات الماضية بفضل تأسيس الاتحاد في جميع القطاعات الزراعية والصحية والتعليمية والاقتصادية، ليشكل هذا الحراك التنموي المتسارع طفرة نوعية في حياة المجتمع الإماراتي نحو الرخاء والرفاهية، وتأسيس بنية تحتية على كل المستويات نحو مستقبل أفضل للأجيال القادمة.بنية تحتية متكاملة

بدأت الإمارات رحلتها في التخطيط لقطاع البنية التحتية، والآن تتفوق على كثير من دول العالم في هذا المجال من حيث إنجاز شبكة طرق ذات جودة عالية، إضافة إلى تطوير النقل البحري والجوي ودقة التخطيط وتمويل الصيانة، وتغطية الاحتياجات الأساسية من الكهرباء.

وحافظت الإمارات على صدارتها في تقرير التنافسية العالمي 2019 على المستويين العربي والإقليمي، في مؤشر جودة البنية التحتية، والطرق، والنقل الجوي والبحري، إضافة إلى محور تبني تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، كما احتلت الدولة المركز الأول عربياً وإقليمياً والثاني عالمياً في المؤشر العالمي للبنية التحتية للاتصالات، وفق تقرير الأمم المتحدة حول استطلاع الحكومة الإلكترونية.

طلبة مبتعثون: الاجتهاد طريقنا لصون إنجازات الاتحاد ورفع اسم الإمارات عالياً

وتعمل الإمارات على ضمان التنمية المستدامة، وحماية البيئة، وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ووضعت الأجندة الوطنية لرؤية الإمارات 2021، عدة مؤشرات لضمان التنمية المستدامة، ومنها مؤشران مهمان للبنية التحتية عدا عن الطرق والمواصلات، وهما: مؤشر الجاهزية الشبكية (لقطاع الاتصالات والتكنولوجيا)، ومؤشر الخدمات الإلكترونية (الذكية).

منظومة صحية متطورة

شهد القطاع الصحي طفرة كبيرة من حيث استحداث منظومة شاملة من المستشفيات والمراكز الصحية تغطي كافة المناطق في الدولة وجلب تقنيات حديثة وكوادر طبية عالمية متخصصة، ما انعكس إيجاباً على تنامي عدد السياح القاصدين للدولة بغرض العلاج، وارتفع متوسط أو مؤمل العمر في الدولة ليبلغ 76 عاماً للذكور و79 عاماً للإناث، ما يضع الدولة في مصاف الدول المتقدمة من هذا المنظور الإحصائي الصحي، إضافة إلى انخفاض الوفيات بسبب الأمراض المعدية، وخصوصاً أمراض الطفولة المعدية نتيجة توافر برنامج وطني للتطعيمات، وتطوير نظم الصرف الصحي، وتوافر المياه النظيفة الصالحة للشرب.

نموذج تعليمي متميز

استحدثت دولة الإمارات نموذجاً متميزاً يسمى المدرسة الإماراتية لتكون حاضنة لاكتشاف وتنمية المواهب والابتكارات العلمية، حيث تستهدف الأجندة الوطنية مضاعفة الاستثمار خلال السنوات المقبلة لتعزيز الالتحاق برياض الأطفال وتتطلع إلى وضع طلبة الدولة ضمن أفضل طلبة العالم في اختبارات تقييم المعرفة والمهارات في القراءة والرياضيات والعلوم واللغة العربية، إضافة إلى رفع نسب التخرج في المرحلة الثانوية والجامعات وزيادة أعداد المواطنين الحاصلين على الماجستير والدكتوراه بما يتوافق مع متطلبات سياسات العلوم والتكنولوجيا والابتكار.

وتتصدر الإمارات المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر نسبة الملتحقين بالتعليم العالي من الخارج إلى الدولة ومعدل إتمام المرحلة الابتدائية، وكذلك تحتل مراتب متقدمة عالمياً في مؤشر العلوم في المدارس وفي مؤشر الانطباع بأن الأطفال يتعلمون في المجتمع ومؤشر قوة النظام التعليمي، وفي مؤشر قوة النظام التعليمي.

وتوفر وزارة التربية والتعليم خيار الابتعاث الخارجي للطلبة الإماراتيين المتميزين علمياً لمتابعة الدراسة الجامعية والدراسات العليا خارج الدولة في عدد من الجامعات المعترف بها دولياً، وتراعي الوزارة في ذلك حاجة المجتمع للتخصصات الأكاديمية والمهنية، والتي لا تقدم حالياً من خلال الكليات والجامعات في الدولة.

بيئة للصناعة والأعمال

وعلى الصعيد الصناعي، عملت الإمارات لتتبوأ المركز الأول عالمياً على مؤشر قلة تهديدات تغيير مواقع مرافق البحث والتطوير على مستقبل الاقتصاد ومؤشر قلة تهديدات تغيير مواقع الإنتاج على مستقبل الاقتصاد، كما احتلت مراتب متقدمة عالمياً في مؤشر إجمالي الإنفاق على البحث والتطوير الممول من قبل الأعمال، ومؤشر توافر العلماء والمهندسين، ومؤشر المواهب البحثية في المشاريع التجارية.

كما اهتمت الدولة بمؤشر فعالية تطبيق القرارات الحكومية وأنشأت مسرعات حكومية لقراراتها، وكذلك استقطبت ملايين المقيمين عبر منظومة مرنة من قوانين الإقامة، ما انعكس على الشراكات بين القطاعين العام والخاص.

إنتاج الطاقة الطبيعية

وفيما يتعلق بالطاقة، استطاعت الإمارات التقدم عالمياً في مؤشرات إجمالي إنتاج الطاقة الطبيعية المحلية، ومؤشر البنية التحتية للطاقة، ومؤشر قلة أسعار البنزين، ومؤشر قلة كثافة استهلاك المياه ومؤشر إنتاج الكهرباء.

وأطلقت الإمارات في عام 2017 استراتيجيتها للطاقة 2050 التي تعتبر أول خطة موحدة للطاقة في الدولة توازن بين جانبي الإنتاج والاستهلاك، والالتزامات البيئية العالمية، وتضمن بيئة اقتصادية مريحة للنمو في جميع القطاعات.

وتستهدف الخطة رفع كفاءة الاستهلاك الفردي والمؤسسي بنسبة 40%، ورفع مساهمة الطاقة النظيفة في إجمالي مزيج الطاقة المنتجة في الدولة من 25% إلى 50%، وتحقيق توفير يعادل 700 مليار درهم حتى عام 2050.

وتأخذ الاستراتيجية بعين الاعتبار نمواً سنوياً للطلب يعادل 6%، وخفض الانبعاثات الكربونية من عملية إنتاج الكهرباء بنسبة 70% خلال العقود الثلاثة المقبلة.

نمو في السياحة

وحققت الإمارات إنجازات كبيرة في مجال السياحة حسب الإحصاءات الرسمية الأخيرة، إذ زاد عدد نزلاء الفنادق الوافدين من خارج الدولة على 20 مليون سائح بحصة تقدر بنحو 35% من حصة الحركة السياحية الوافدة لدول الشرق الأوسط، فيما استحوذت بقية الدول على نحو 65% بواقع 58 مليون زائر، إضافة إلى زيادة حركة الطائرات عبر مطارات الدولة بمعدل 10% خلال فترة وجيزة من 667.7 ألف حركة في 2014 وحتى 731.5 ألف حركة في 2017.

كما تحتل الإمارات المركز الأول عالمياً على مؤشر مدى أولوية قطاع السفر والسياحة للحكومة ومؤشر فعالية التسويق لجذب السياح ومؤشر استدامة وتنمية قطاع السياحة والسفر، ومؤشر جودة البنية التحتية للسياحة، إضافة إلى مراحل متقدمة في مؤشر توافر مقاعد الطيران الدولي ومؤشر عدد الطائرات المغادرة.

من الأرض للفضاء

الحلم في الوصول إلى المريخ كانت له جذور وأهداف طويلة الأمد بدأت مع زيارة وفد وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) في عام 1976، للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، والتي أثنى فيها على أكبر إنجاز حققه الإنسان حين وطأت قدماه سطح القمر.

وشملت الخطة الإماراتية الطموحة، إطلاق القمر الصناعي الإماراتي الأول من نوعه بإنتاج عربي كامل العام المقبل؛ فيما ستطلق الإمارات خلال عام 2020 مسباراً فضائياً يستهدف الوصول للمريخ خلال عام.

وبدأت القيادة الرشيدة العمل فعلياً على خطة ارتياد الفضاء في عام 2013 وتحديداً في ديسمبر من العام نفسه من خلال خطة بناء القمر الاصطناعي «خليفة سات»، ليكون بذلك أول قمر اصطناعي بإنتاج عربي خالص يطلق مرحلة جديدة لدخول المنطقة العربية عصر التصنيع الفضائي والمنافسة في مجال علوم الفضاء وارتيادها، وفي عام 2021 سيتم إطلاق مسبار «الأمل» ليصل لكوكب المريخ قاطعاً 60 مليون كيلومتر في رحلة تستغرق 9 أشهر، وفي عام 2117 تخطط الإمارات لإيصال أول مهمة بشرية للمريخ تستغرق نحو 100 عام، حيث بدأت في عام 2017 حيث يستهدف مشروع «المريخ 2117» في مراحله النهائية «بناء أول مستوطنة بشرية على المريخ من خلال قيادة تحالفات علمية بحثية دولية لتسريع العمل على الحلم البشري القديم في الوصول لكواكب أخرى»، بحسب وكالة أنباء الإمارات.

وسجلت الإمارات إنجازاً تاريخياً بانطلاق رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري إلى محطة الفضاء الدولية، ليصبح أول رائد فضاء عربي يزور المحطة، وأجرى المنصوري 16 تجربة علمية بالتعاون مع شركاء دوليين، منهم وكالة الفضاء الأوروبية (إيسا)، ووكالة استكشاف الفضاء اليابانية (جاكسا) ووكالة الفضاء الروسية (روسكوزموس)، ووكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، بينها 6 تجارب على متن محطة الفضاء الدولية في بيئة الجاذبية الصغرى «Microgravity»، وهي بيئة منعدمة الجاذبية تقريباً؛ لدراسة تفاعل المؤشرات الحيوية لجسم الإنسان في الفضاء مقارنة بالتجارب التي أجريت على سطح الأرض، ودراسة مؤشرات حالة العظام، والاضطرابات في النشاط الحركي، والتصور وإدراك الوقت عند رائد الفضاء، إضافة إلى ديناميات السوائل في الفضاء، وأثر العيش في الفضاء على البشر، وهذه المرة الأولى التي يتم فيها هذا النوع من الأبحاث على شخص من المنطقة العربية.