&شملان يوسف العيسى&


استمرت أحداث التظاهر والعنف في العراق، رغم استقالة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي.. وقد صبّ المتظاهرون جام غضبهم على الحكومة والأطراف الإقليمية الداعمة لها والمليشيات المسلحة في العراق، والتي يحمّلونها مسؤولية ما يحدث في بلاد الرافدين حالياً وقد عكسته أعمال العنف والحرق في كل من البصرة والنجف ومدن عراقية أخرى أكثر من مرة.

وقد حذّرت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق «جانين هينيس بلاسخارت» من حدوث كارثة في البلاد، ودعت الساسة العراقيين إلى تقديم الحلول الحقيقية لصالح بلدهم، موضحة خلال جلسة لمجلس الأمن حول الوضع في العراق «أن المظاهرات

يقودها شباب بعيدون عن أي مصالح حزبية أو تدخلات أجنبية، وهم يرغبون بسماع أصواتهم والإدلاء بآرائهم بشأن حالة الإحباط التي يعيشونها، في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية وغياب أفق سياسي واجتماعي»، مضيفةً أن هؤلاء المتظاهرين يدفعون أثماناً يصعب تخيلها، فمنذ بداية أكتوبر الماضي قتل أكثر من 400 شخص وأصيب 19 ألفاً آخرون بجراح.

والسؤال الآن هو: إلى أين يتجه العراق؟ ومتى يتخلص من معاناته الدائمة؟ وهل ثمة أمل في تغير سلمي يصب في مصلحة الشعب العراقي وبدون إراقة دماء أبنائه؟
المؤكد بالنسبة لنا هو أن الأمور لن تعود إلى سابق عهدها قبل الحراك الشعبي الحالي، لأن الحكومات المتعاقبة على العراق منذ عام 2003 وإلى الآن لم تنجح في علاج متلازمة سوء الإدارة والفساد والاستمرار بإفراط في نهج المحاصصة الطائفية.

ويبدو أن الطبقة الحاكمة في العراق لم تستوعب ما يحدث في الشارع العراقي، كما يتضح أنها غير مكترثة بمعاناته وآلامه.. لذلك لا يزال أنصار التدخلات الخارجية يريدون ترشيح وزير النفط السابق إبراهيم بحر العلوم رئيساً للوزراء حسب رغبة البعض.
أسامة النجيفي، رئيس البرلمان ورئيس «جبهة الإنقاذ والتنمية»، يدعو إلى ترشيح شخصية مستقلة لقيادة حكومة مؤقتة مهمتها إعداد قانون جديد للانتخابات في البلاد. كتلة «سائرون» بقيادة مقتدى الصدر لا تريد ترشيح أحد لقيادة الحكومة، وتريد الاحتكام إلى رأي الشارع العراقي. و«تحالف القوى العراقية» يدعو إلى دعم ومساندة رئيس حكومة من الأحزاب الشيعية. نوري المالكي، رئيس ائتلاف «دولة القانون»، أصر على أن يكون رئيس الوزراء الجديد يحظى بالقبول السياسي والاجتماعي. أما إياد علاوي، زعيم «الائتلاف الوطني»، فدعا إلى اعتماد خريطة طريق واضحة وبتوقيتات زمنية تحدد المراحل القادمة، مشدداً على أن العملية السياسية بشكلها الحالي ستزيد من تفاقم الأوضاع وستذهب بالعراق للمجهول.

والذي يتضح من ذلك عموماً هو أن النخبة السياسية المستفيدة من الأوضاع تختلف مطالبها عن رأي الشارع العراقي الذي يشهد صحوة وطنية قومية ترفض تماماً الطرح الديني وتؤيد الطرح الوطني. المعارضة تناهض المليشيات والأحزاب والبرلمان.. وهم بذلك يضعون نهاية للبناء الأيديولوجي الذي يدعم النظام العراقي، أي تقسيم المجتمع بناء على خطوط الانتماء الطائفي، وهو نهج أدى إلى تقسيم الغنائم بين النخبة الحاكمة بدعم خارجي. لكن الشعب العراقي سيحقق انتصاراته لأنه يريد تحرير وطنه وتحقيق مطالب شعبه.
&

&

&