& سالم حميد&&

من العيوب الخطيرة لوسائل التواصل الاجتماعي، أنها تمنح الموتورين والحاقدين إمكانية بناء حملاتهم الإعلامية على قاعدة الجهل والترويج للمعلومات الخاطئة، لأنهم يعلمون أن الجمهور لا يتثبت من صحة المعلومات ولا يراجع الأخطاء المعرفية ولا يتأكد من جذور الحملات ودوافع مَن يطلقونها. لكن تلك الحملات الصفراء تفشل دائماً ولا تصمد في النهاية أمام الحقائق.
وخلال الأيام الماضية قام مغرضون باستخدام أسلوب التزوير ومراكمة الأكاذيب لإطلاق حملة إعلامية مشبوهة على وسائل التواصل الاجتماعي، استهدفت إحدى قلاع الاقتصاد الوطني والإقليمي والعالمي، ممثلة بميناء ومنطقة جبل علي الصناعية في الإمارات. وهذا

دليل على أن تميز الإمارات يقلق البعض ويدفعهم لاستهداف إحدى مناراتها الاقتصادية الكبرى على مستوى المنطقة والعالم.

إن قوة ميناء جبل علي وأهميته الحيوية على المستوى الاقتصادي العالمي، مسألة جوهرية لا تنفصل عن أهمية ما يقدمه جبل علي من خدمات على مستوى المنطقة، لأن المستهلك لا يهتم ولا يعرف طبيعة كافة المراحل التي أوصلت إليه المنتج.

لقد تعمد المغرضون وصنّاع الشائعات الصفراء تجاهل الكثير من المعطيات الاقتصادية والقوانين والشروط العالمية التي يحتكم إليها جبل علي كميناء وكمنطقة صناعية، فهو لا يخدم الإمارات والدول المجاورة فقط، بل يتصل نشاطه الحيوي بخدمة منطقة الشرق الأوسط على اتساعها. وبالتالي فإطلاق ونشر بيانات ومعلومات مجهولة المصادر ومحاولة تكييفها للظهور بصيغة شبه إعلامية، إنما تهدف إلى الإضرار بميناء جبل علي والمنطقة الصناعية وبالشركات العاملة في المنطقة الحرة وتشويه صورتها. وهذا بالطبع عمل تخريبي يتجاهل أن الإمارات تعتمد أفضل المعايير العالمية في الرقابة والمتابعة.

ورغم بشاعة الاستهداف الذي سعى للإضرار باقتصاد الإمارات، فإن هذه الحملة كشفت أيضاً عن حقيقة أخرى، وهي سهولة توجيه قطاع من الجمهور لتداول معلومات زائفة وغير علمية، مما يعني أننا أمام إشكالية غياب المعايير الدقيقة لدى مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي لاختبار ما يتم الترويج له والتأكد من دوافع ذلك الترويج.
لقد اتضحت حقيقة الحملة التي استهدفت جبل علي والصناعات الإماراتية من خلال معرفة من وقفوا وراءها في جنح الظلام. فمثل هذه الأكاذيب تحتاج إلى أسلوب الخفافيش التي تخشى ضوء النهار وتعجز عن مواجهة الحقائق والتعامل مع الأرقام العالمية التي حققتها دولة الإمارات، وشهدت بها مؤشرات التنافسية الدولية.

وفي النهاية تبقى غايات وأهداف مروجي الشائعات فقيرة ومحدودة ولا يمكنها النجاح، إذا ما نظرنا إلى المعطيات التي تلجم الشائعات بالأرقام، وخاصة أن منطقة جبل علي ذات صلة بحركة التجارة والصناعة العالمية، وعلى ارتباط بحركة الموانئ العالمية، ولن تؤدي تغريدات يائسة يطلقها حاقدون في الظلام إلا إلى المزيد من إشهار جبل علي، الذي يتموضع بالفعل في خريطة الاقتصاد الدولي كأحد أكبر الموانئ في العالم باستقباله أكثر من مليون حاوية شهرياً، بالإضافة إلى منطقته الصناعية التي تضم عدداً كبيراً من شركات التصنيع العالمية التي تخضع لمعايير الجودة الصارمة. كما يضم جبل علي أكبر مصانع الألمنيوم في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر منطقة حرّة في الخليج العربي.
لقد سقطت الحملة الفاشلة التي استهدفت هذه المرة اقتصاد الإمارات وأكبر مناطقها الصناعية، بالطريقة ذاتها التي فشلت بها الحملات السابقة، وهي انكشاف مَن يقفون وراءها ومَن يمولونها ويخفون أنفسهم خلف أقلام مأجورة، وكذلك دخول الحسابات المزورة على خط استهداف الإمارات بأسماء منتحلة، إلى جانب حسابات تابعة لعناصر مدرجة على لوائح الجماعات الإرهابية.

ولا ننسى أن هذه الحملة الإعلامية البائسة جاءت في الوقت الذي تتسامى فيه دولة الإمارات بخطابها الإعلامي، وتشارف على اختتام عام التسامح بتوجه حريص على توحيد الصفوف والارتقاء بالكلمة في منابر النشر المتعددة. وفي ظل استضافة الدولة لفعاليات وأنشطة عالمية كبرى، تضم الحكماء والمفكرين الذين أشادوا بالدور الريادي للإمارات في نشر القيم الحضارية على المستوى العالمي ورغم ذلك نجد أن البعض مستمرون في تكرار الحملات الإعلامية العمياء الموجهة ضد دولة الإمارات ورموزها القيادية وأنشطتها وجهودها الاقتصادية العالمية، ويوفرون بذلك المزيد من الفرص للمغرضين وهواة الفتنة لإظهار الأحقاد والضغائن والتشكيك في إنجازات الآخرين. لكنهم لن يفلحوا، لأن البقاء دائماً للأكثر إنجازاً.

&