محمد خليفة

شهد العقدان الأخيران ثورة في استخدام تقنيات الاتصال الإلكتروني، ولم تقف دولة الإمارات مكتوفة الأيدي؛ بل شرعت، منذ ظهور تلك التقنية، في بناء بنية تحتية رقمية متكاملة؛ من أجل تحقيق الريادة في هذا المجال الذي بات مهماً جداً في عالم اليوم؛ حيث أصبحت شبكة الإنترنت الدولية وسيلة الاتصال الرئيسية في عالم الأعمال والتواصل الثقافي والاجتماعي بين البشر والشعوب.
وتم تأسيس الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات في الإمارات؛ بموجب مرسوم القانون الاتحادي عام 2003، ومنذ تأسيسها تخطت الهيئة كل التوقعات؛ حيث استطاعت إنجاز الأهداف المرسومة لها في وقت قياسي. وتستمد الهيئة أهدافها من قانون قطاع الاتصالات، ولائحته التنفيذية، والسياسة العليا لقطاع الاتصالات. وتتلخص هذه الأهداف في ضمان تأمين خدمات الاتصالات في جميع أنحاء الدولة، وإنجاز تحسين الخدمات بما يتعلق بالنوعية والتنوع، وضمان نوعية الخدمات بما يتطابق مع شروط الرخصة من قبل المرخصين، وتشجيع خدمات الاتصالات، وتقنية المعلومات في الدولة، والترويج لقطاع الاتصالات، وتطويره بالدولة؛ من خلال التدريب والتنمية، وتأسيس مؤسسات تدريبية ذات صلة بالقطاع، إضافة إلى إيجاد الحلول للخلافات التي قد تطرأ بين المشغلين المرخصين، وتأسيس وتطبيق إطار للسياسات والتنظيمات، والترويج للتكنولوجيا الحديثة، والمساهمة في تطوير الموارد البشرية في الدولة، وتشجيع البحوث والتطوير، بما يضمن لدولة الإمارات العربية المتحدة دوراً إقليمياً ومتقدماً في مجال الريادة في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
ولم تكتفِ الإمارات بذلك؛ بل شجعت الابتكار، ودعمت الشركات الناشئة في مجال تقنية المعرفة؛ من أجل مواصلة عملها؛ من خلال تقديم القروض الميسرة لها، ودعمها؛ لكي يستمر إنتاجها، وفي هذا الصدد فقد كرمت الإمارات أفضل 100 شركة تم اختيارها خلال منتدى الاقتصاد العالمي للشرق الأوسط، وشمال إفريقيا الذي عقد في الأردن. وساعدت مبادرات الإمارات؛ مثل «مليون مبرمج عربي» وهي إحدى مبادرات مؤسسة «محمد بن راشد آل مكتوم العالمية»، الهادفة إلى نشر التعليم والمعرفة في العالم العربي، في تعزيز مفاهيم ريادة الأعمال.

ولم تتوقف الجهود عند هذا الحد؛ إذ توجت بالزيارة التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى جمهورية كوريا الجنوبية، في 26 فبراير/شباط 2019؛ حيث زار سموه، مركز أبحاث وتطوير أشباه الموصلات في شركة «سامسونج للإلكترونيات»، في مدينة

هواسونغ في العاصمة سيؤول. وقد أكد، خلال الزيارة، «أن دولة الإمارات العربية المتحدة تهتم بمواكبة فنون الابتكار وعلوم التقنيات المتقدمة». وأضاف سموه: «ندعم الشراكات التي تحقق جودة الحياة لمجتمعنا». وبسبب الاهتمام الحكومي الواسع، وانتشار خدمات الاتصالات في كل بقعة من أرض الإمارات مع جودة الاتصال العالية، وسرعة تلبية طلب المشتركين من قبل الشركات المشغلة، فقد احتلت دولة الإمارات المرتبة الثانية عالمياً على مؤشر جودة البنية التحتية للاتصالات، كما جاءت في الترتيب السادس على صعيد جودة الخدمات عبر شبكة الإنترنت، وفق دراسة الأمم المتحدة للحكومة الإلكترونية العام الماضي. وأكدت الدراسة التي كشفت هيئة تنظيم الاتصالات عن نسختها العربية خلال فعاليات الدورة السابعة من القمة العالمية للحكومات «أن الإمارات سجلت أعلى مرتبة على مؤشر تنمية الحكومة الإلكترونية بين دول مجلس التعاون الخليجي، تليها البحرين والكويت».

وقد أكدت الدراسة، «أن الإمارات تقوم بتطوير الخدمات الإلكترونية؛ بناء على معلومات أمنية قابلة لتحليل بيانات التهديد والحوادث ونقاط الضعف، كما يوفر فريق الاستجابة لطوارئ الحاسب الآلي للهيئات خدمات وقائية في شكل تنبيهات تمهيدية، ومعالجة الحوادث الأمنية والتعافي منها، فضلاً عن نصائح؛ لتحسين البنية التحتية، وكذلك العمليات الأمنية ذات الصلة لعملائها قبل وقوع الحادثة. وأوضحت الدراسة أن فريق الاستجابة لطوارئ الحاسب الآلي يعد نقطة مركزية لنشر المعلومات، ويقدم النصح لجميع الكيانات المتأثرة أثناء الهجمات الإلكترونية في مواجهة، وصفها برفيعة المستوى ضد تضرر البنية التحتية الوطنية الحيوية».
والواقع أن دولة الإمارات، في ظل قيادتها الرشيدة، باتت تملك كل مقومات الدولة المتطورة، وهي لا تزال تعمل من أجل تحقيق أرقى مستويات الحياة التي عرفها الإنسان حتى اليوم.