خالد أحمد الطراح

غابت الشفافية كليا عن برنامج «غير تقليدي» للحكومة العليلة، الذي أعلن عنه بشكل مقتضب، ليصبح الشعب، وكذلك مؤسسات المجتمع المدني، غير شركاء في التفاعل وصناعة القرار المصيري، خصوصا في ضوء وجود عدد لا يستهان فيه من نواب حكومة الظل في مجلس الأمة! يتألف البرنامج، الذي كشفت جريدة «الجريدة» عن بعض تفاصيله، من «ثلاثة محاور رئيسية؛ تتمثل في تعزيز النزاهة وتطوير الأداء الحكومي والتحول الرقمي للخدمات الحكومية، و8 متطلبات تشريعية؛ تتمثل في مشاريع بقوانين إعادة هيكلة نظام الأجور في القطاع العام، والفتوى والتشريع، وحق الاطلاع على المعلومات العامة، والإفلاس وإعادة هيكلة المديونيات والاستقرار المالي، وتعديل قانون حماية المنافسة، ومنع تضارب المصالح، وتعديل قانون المرور، إلى جانب الخطة الإنمائية 2021/‏2020 - 2025/‏2024».

لم تخرج الحكومة عن التقليد السابق في حصر الحوار بينها وبين مجلس الأمة، بحجة أن المجلس يمثل الشعب، وهو ما يجافي الحقيقة والواقع، ولعل معظم المشاريع والاستجوابات السابقة تبرهن على الهيمنة الحكومية! لا يمكن مناقشة كل محاور البرنامج الحكومي في ضوء شح المعلومات، ولكن هناك ما نشر عن تغيير مسمى «نزاهة» وتقليص عدد مجلس الأمناء لتصب معظم الصلاحيات عند رئيس الجهاز، وهو ما يعزز المركزية، فضلا عن التناقض الذي صاحب «سرية» الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، التي وضعها برنامج الامم المتحدة الانمائي UNDP.

أمّا بالنسبة إلى المقترح الخاص بإدارة الفتوى والتشريع، فقد سبق للمجلس مناقشة مقترح لـ«لإدارة» منذ سنوات، وتم التحفظ عليه دستوريا وقضائيا، وإذا كانت الحكومة ستقوم بعرض المضمون نفسه، فهذا يعني أن الحكومة تنوي إضاعة الوقت بالرهان على مقترح ولد ميتا! من المهم أن يكون هناك تعاون وتنسيق بين قيادات إدارة الفتوى والتشريع والإدارة التنفيذية لوضع تصور شامل ومتكامل لترسيخ العمل المؤسسي وولادة هيكل تنظيمي للمحامين والمستشارين بالدرجة الأولى، فمن غير المعقول أن يستمر العمل بشكل فردي أو انتقائي مع المكتب الفني واستثناء بقية القطاعات!

ومن المفيد الاطلاع على حيثيات الحكم الصادر أخيرا لمصلحة المستشار ع.خ، وتقييم المبررات التي جرى الاستناد إليها في توصية فصل القيادي الكويتي، إضافة إلى إشراك قيادات «الإدارة» في الوضع الحالي، للخروج بتصور لإنقاذ هذا المرفق الحساس، خصوصا في ضوء تحول الفتوى والتشريع في مرمى القضاء، نتيجة نزاعات قانونية. هناك جوانب سلبية عديدة في مرفق الفتوى والتشريع وخسائر لا طائل لها في قضايا الدولة وغياب الشفافية والعمل المؤسسي، وهو ما يستوجب الإصلاح قبل تقديم أي مقترح. ولعل من المهم أن تبادر الفتوى والتشريع ببيان تفاصيل جميع النفقات المترتبة على الاستعانة بمكتب قانوني خارجي، وتحديدا في بريطانيا، في القضية المتعلقة بالمدير العام الأسبق للتأمينات الاجتماعية، فهد الرجعان، فآخر تصريح لرئيس الفتوى والتشريع بهذا الشأن يوحي بأن الإدارة هي من قامت بإجراءات التقاضي في بريطانيا وليس مكتبا بريطانيا كما حصل في قضية انهيار استثمارات الدولة في أسبانيا. ولنا عودة لبرنامج الحكومة ككل حالما تتوافر التفاصيل.