محمد خليفة

دأبت دولة الإمارات العربية المتحدة، منذ نشأتها على يد المؤسس الراحل الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، على فعل الخير، ومساعدة المحتاجين، والانخراط في البرامج والمشاريع الدولية؛ الرامية إلى مساعدة ذوي الحاجة من الفقراء والمستضعفين في الأرض. وفي أحدث المواقف الإنسانية الإماراتية، فقد وقّعت حكومة الإمارات، اتفاقية شراكة استراتيجية مع المنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس» للأعوام الخمسة المقبلة؛ بهدف توحيد الرؤى والأهداف للتعاون المشترك بين دولة الإمارات والمنتدى الاقتصادي العالمي، في عدد من المجالات والمشروعات المشتركة على المستوى العالمي.
وتم توقيع الاتفاقية، بحضور سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، عضو المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، رئيس مكتب أبوظبي التنفيذي؛ وذلك على هامش فعاليات «منتدى دافوس» الذي انعقد في الفترة بين 23 و24 يناير/كانون الثاني 2020. وأعلنت حكومة دولة الإمارات، دعم الخطة والبرنامج الذي أطلقه المنتدى، والذي يهدف إلى تعليم مليار إنسان في العالم، وتزويدهم بمهارات جديدة وأكثر ملاءمة لسوق العمل، وتأهيلهم لشغل وظائف بحلول عام 2030. وجاء ذلك خلال مشاركة وفد حكومة الإمارات في أعمال هذا المنتدى الذي انعقد تحت شعار: «الشركاء من أجل عالم متماسك ومستدام». وبحضور أكثر من 2000 شخصية ومسؤول في العالم.
ولا شك أن طبيعة العمل في تغير سريع ومستمر، ويتمثل التحدي الرئيسي في تسليح طلاب المدارس بما سيحتاجون إليه من مهارات بصرف النظر عما ستكون عليه مهارات المستقبل. وتشمل هذه المهارات حل المشكلات والتفكير الناقد، وكذلك مهارات التفاعل الشخصي؛ مثل التعاطف والتآزر، وعلى الحكومات اتخاذ خطوات نشطة؛ لتحسين إعداد مواطنيها للتنافس في اقتصاد المستقبل. وتتخذ دولة الإمارات العديد من الخطوات؛ للاستثمار في مواردها البشرية، وتزويد شبابها بالمهارات اللازمة؛ لمواجهة تحديات المستقبل؛ وتحقيق الأهداف الأساسية لرؤية الإمارات 2021، ومئوية الإمارات 2071.

وتعد التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي مجالاً رحباً لتحقيق نمو دولي مستدام إن أحسنت الدول التي تمتلك تلك التكنولوجيا إدارتها وتوظيفها للأهداف الإنسانية البحتة وفي سبيل تقدم الإنسانية وازدهارها. وكانت حكومة دولة الإمارات قد أطلقت في أكتوبر/تشرين الأول 2017، استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي، وتمثل هذه المبادرة المرحلة الجديدة بعد الحكومة الذكية، والتي ستعتمد عليها الخدمات، والقطاعات، والبنية التحتية المستقبلية في الدولة. وتعد هذه الاستراتيجية الأولى من نوعها في المنطقة والعالم، وهي تهدف إلى: تحقيق أهداف مئوية الإمارات 2071، وتعجيل تنفيذ البرامج والمشروعات التنموية لبلوغ المستقبل، والاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الخدمات، وتحليل البيانات بمعدل 100% بحلول عام 2031، والارتقاء بالأداء الحكومي، وتسريع الإنجاز، وخلق بيئات عمل مبتكرة، ووفقاً لتقرير مهارات المستقبل 2030 الصادر من قبل «أسبوع أبوظبي للاستدامة» الذي انعقد في يناير/كانون الثاني 2019، توجد خمسة محاور تقود مستقبل الوظائف والمهارات في العالم؛ من بينها التقدم التكنولوجي الهائل الذي سيفتح آفاقاً جديدة لفرص غير موجودة، وبشكل خاص في مجالات: الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، والأتمتة، والتصنيع المتقدم، والواقع الافتراضي، والواقع المعزز، والبيانات الضخمة وتحليل البيانات. ومع التوجه العالمي نحو الاستدامة، تظهر أنواع جديدة من الوظائف في مجالات متعددة، لا سيما الطاقة البديلة، وإدارة النفايات وغيرها. وقد أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في تدوينة لسموه عبر «تويتر»؛ بمناسبة إطلاق «جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي» في مدينة مصدر بأبوظبي التي تعد أول جامعة للدراسات العليا المتخصصة ببحوث الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم؛ وذلك في 16 أكتوبر/تشرين الأول 2019، أن «بناء القدرات في مجال الذكاء الاصطناعي يجسد روح الريادة التي تتميز بها دولة الإمارات». وخلال مؤتمر صحفي عقد بمدينة مصدر جرى الإعلان عن إطلاق الجامعة التي تستهدف طلبة الماجستير والدكتوراه، وتستقبل قريباً طلبات التسجيل لبرامج الماجستير والدكتوراه لأول أعوامها الجامعية، وستركز مناهجها على دراسات الكمبيوتر والتعليم الآلي ومعالجة اللغة الطبيعية والذكاء الاصطناعي. ومن دون شك فإن دولة الإمارات ستكون قادرة بإمكاناتها الذاتية على الوفاء بالتزامها في الاتفاقية المبرمة مع «منتدى دافوس»؛ من أجل مساعدة الشباب من مختلف دول العالم؛ لكي يكون بإمكانهم دخول سوق العمل الذي تغيرت قواعده، واتسعت آفاقه، وبما يؤدي في النهاية إلى تحقيق النمو الدولي المستدام.