وصل الرئيس ترمب إلى البيت الأبيض من خارج المؤسسة الرسمية، إذ قد جرت العادة أن يأتي الساسة من داخل المؤسسة، وهذا لا شك سبب معظم المعضلات التي يواجهها، فهو لا يتقيد بالتقاليد والأعراف المتبعة في واشنطن، ويفكر خارج الصندوق، وهذا ليس سيئاً، فهو مطلب شعبي، ولذا وصل إلى البيت الأبيض، فهل يا ترى يصح أن نقول إن المرشح الديمقراطي، السيناتور برني ساندرز، يشبه ترمب في ذلك، رغم الاختلاف الأيدولوجي الجذري بين الرجلين؟ برني ساندر يتميز بأنه كبير في السن، كما أنه يساري اشتراكي، ومن مناصري حقوق الأقليات، وكان ناشطاً بارزاً، أيام حراك السود لإقرار قانون الحقوق المدنية، في ستينيات القرن الماضي، كما أنه ناشط في مجال حقوق المرأة، وحق المواطن في الحصول على عمل، وبالتالي فهو الضد تماماً لأيدولوجية المحافظين، كما أنه في مواقفه هذه يعتبر يسارياً أكثر من الرئيس باراك أوباما، وغني عن القول إن له شعبية كبيرة هذه الأيام، خصوصاً لدى السيدات والشباب من طلاب الجامعات.

برني ساندرز، اليهودي من أصول بولندية، تعرّضت أسرته لما تعرّض له السكان اليهود تحت الاحتلال النازي، وهذا أحد الأسباب الرئيسية التي جعلته يدخل معترك السياسة منذ سن صغيرة، فالشعب الألماني - حسب رأيه - صوّت لانتخاب الزعيم النازي ادولف هتلر، وهو الإنسان الذي تسبب في إشعال فتيل الحرب العالمية الثانية، وقتل عشرات الملايين من الناس، والرسالة التي يريد أن يوصلها المرشح ساندرز هي أن الديمقراطية قد تجلب زعيماً سيئاً، وساندرز يمثِّل ولاية فيرمونت الصغيرة جداً في مجلس الشيوخ، وقبل ذلك كان يمثِّلها في مجلس النواب، وقد سبق ذلك انتخابه ليكون عمدة لمدينة برلنقتون في ذات الولاية، وخلال كل ذلك لم يكن منتسباً لأي حزب سياسي، بما في ذلك الحزبان الرئيسيان، الجمهوري والديمقراطي، بل كان مستقلاً، وهو يحمل السجل القياسي كأطول مرشح مستقل يخدم في الكونجرس الأمريكي عبر التاريخ السياسي لأمريكا، والخلاصة هي أنه، ورغم الاختلاف الأيدولوجي الجذري بينه وبين ترمب، إلا أنه مثل ترمب، لا ينصاع للمؤسسة الرسمية، وينتقد الأعراف والتقاليد السياسية المتبعة في واشنطن، وبالتالي ضغط عليه الحزب الديمقراطي لينسحب أمام هيلاري كلينتون في 2016، وها هو اليوم ينسحب لصالح ابن المؤسسة الرسمية، جوزيف بايدن!