أزمة صامتة متصاعدة بين البلدين الشقيقين!... الأزمة لها انعكاسات شعبية غير مريحة... لماذا السفارة لا تحرك ساكناً؟... هناك من ينفخ في كير الأزمة... الانعكاسات الشعبية تحولت لمقدمات حرب إلكترونية شعبية بين أبناء البلدين!
الأزمة الصامتة تقسو...
تمرد... شغب... شتائم... وماذا بعد؟
حبسنا أنفاسنا لأيام متتالية ونحن نراقب اشتداد الأزمة الصامتة الناتجة عن الرغبة في ترحيل المخالفين المصريين بعدما تقدموا طواعية للاستفادة من المهلة التي أعلنتها وزارة الداخلية بإعفاء المخالفين من الغرامات والعقاب وفتح الباب لمغادرتهم هم وغيرهم من المخالفين البلاد... بل وإلغاء أي قيود تمنع عودتهم بشكل قانوني لاحقاً.
تصاعد الترقب واحتباس الأنفاس في الساعات المتأخرة من تلك الليلة المزعجة التي شهدت تمرداً وشغباً في مراكز إيواء في أكثر من منطقة في ذات الوقت بتنسيق واضح عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يرفعون الشعارات ذاتها، يرددون الهتافات ذاتها، ويتطاولون بألفاظ وكلمات وعيد وتهديد متشابهة ولا يمكن القبول بها!
كل المؤشرات تنذر بأزمة غير قابلة للحل، ولكن... فجأة، ونحن في خضم القلق، تم احتواء كل شيء، وتمت إدارة الأزمة بنجاح بعدما وضعت على طريق الحل... لقد فُرجتْ وكنت أظنها لا تُفرجُ.
إن إدارة الأزمة التي مارستها الحكومة الكويتية ممثلة بنائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء أنس الصالح (المنطلق بثبات على درب النجاح كأول وزير شعبي يتسلم الداخلية... وهو اختبار بالغ الصعوبة)، ووزير الخارجية الدكتور أحمد الناصر الصباح (الشاب الواعد الذي يثبت يوماً بعد يوم أنه أهل لموقعه)، وتحت إشراف مباشر من سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد على الوزيرين.
إدارة هذه الأزمة اعتمدت على مرتكزين، (الحزم والحكمة)، وهو المنهج الذي مكن الكويت من تخطي حقل الألغام الذي هدد استقرار العلاقات الكويتية المصرية بكل سلاسة وبأقل قدر من الخسائر.
هذا المنهج الثنائي الارتكاز كان واضحاً جداً في الكلمات الحازمة الحكيمة التي قالها «الوزير الصالح» بهدوء وثبات لمجموعة تمثل المخالفين في مراكز الإيواء وبحضور عدد من أعضاء السفارة المصرية لدى الكويت، فكانت رسالة محبة ولكنها قوية وتعبر عن مسؤولياته كوزير للداخلية يدير ما يخصه في أزمة غير مسبوقة... نحبكم؟... نعم... ولكن ليس على حساب الكويت، وإن افتقدتم الحكمة سوف نوجدها ولا تجبرونا على العنف الذي لا نريده.
أما المرتكز الثاني من الحل، فقد كان معتمداً على الديبلوماسية الكويتية التي صاغها أميرنا حفظه الله وسار على نهجه كل من تسلم هذا المقعد الوزاري البالغ الأهمية لبلد ثري صغير مسالم لا يعتمد على القوة العسكرية ولا على الكثافة السكانية في مواجهة ما يعترضه من مخاطر.
وفي هذه الأزمة، وبينما كانت «الماكينة الأمنية» تعمل في ما يخصها بحزم وقوة، كانت «الماكينة الديبلوماسية» تعمل بالمقابل بكل مبادئها ومرتكزاتها، لتأتي النتيجة المبشرة قبل أن تشرق شمس اليوم التالي حيث كانت الحلول قد وُضِعت، والأزمة قد هدأت، والمخالفون قد ارتاحوا بعدما أعلن البلدان عن بدء رحلات الإجلاء.
وهذا ما عبّر عنه وزير الخارجية الدكتور أحمد الناصر الصباح في تصريح لـ«الراي» أكد فيه على مبادئ الديبلوماسية الكويتية التي لا تسير وفق مبدأ ردات الفعل، وأن التصرفات الفردية لا تؤثر على رسوخ ومتانة العلاقات.
إذاً... بهذه «الحكمة» مع هذا «الحزم»، نجحت الحكومة بين ليلة وضحاها في احتواء الأزمة وإزالة كثير مما علق في النفوس خلال فترة التصعيد الماضية التي لم تخلُ من تطاول في اللفظ وفظاظة في القول وتبادل للاتهامات ما بين مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي.
والآن، وبعدما انقشع غبار الأزمة، بقي على الحكومة أن تعلم أنها كانت جرس إنذار للخلل الكبير في التركيبة السكانية الكويتية، ليس تجاه جنسية بعينها، ولكنه خلل عام يجب حله.