يدور الكثير من التساؤلات حول الاستثمارات الجريئة والتصور أنها سوف تشهد نموًا في ظل الأزمة الاقتصادية التي نشهدها اليوم أو كاستثمار بديل لأسواق المال على غرار الأزمة المالية عام 2008.

الحقيقة أن ربط نمو الاستثمارات الجريئة مع الأزمات الاقتصادية فيه ربط غير دقيق لكن غالباً تكون الأزمات الاقتصادية مصاحبة لتغيرات اجتماعية وسلوكية نتيجة تغير دخل الفرد ووعيه، مثلًا انحسار نمو دخل الطبقة الوسطى الأميركية، حيث كان النمو 50 % من الأسرة أقل من المتوسط بكثير، إضافة إلى أن قدرة الأجيال على بناء ثروة تعادل ثروة آبائها انحسرت أكثر مع القروض الدراسية والسكنية، في العالم النامي تحسنت مستويات الدخل؛ مثلاً الصين تجاوز نصف مليار خط الفقر في العقدين الأخيرين واستمر نمو دخلهم واستهلاكك في تزايد.

من ناحية التقنية يكفي أن نذكر ارتفاع المستخدمين للإنترنت من مليار نسمة عام 2005 إلى قرابة خمسة مليارات مستخدم العام الماضي، وهو ما يعادل ارتفاع تعمق الاستخدام من 10 % إلى 60 % من سكان العالم.

هذه التغيرات في المجتمع والتقنية هي الدافع الأساسي لظهور أفكار تحولت إلى منتجات تجاوب تغير الأسواق من حيث الطلب والسعر، وأيضاً ظهور ثقافة جديدة مثل جيل (GZ) المولود بعد ظهور الإنترنت، وهو جيل أقل حظاً من آبائه في الدخل والثروة ولكنه أكثر حرية ومشاركة اقتصادية فهو منتج ومستهلك في نفس الوقت، يستخدم (أوبر) ويشارك بالعمل لساعات لجمع المال، يشتري السلع الرخيصة من منصات التجارة الإلكترونية ويبيع ما ينتجه عبرها، لا يتأثر بدعايات النجوم ويصدق أكثر أبناء جيله من المؤثرين عبر مواقع التواصل.

مع الظروف الاقتصادية الحالية لا شك سوف يتغير سلوك واستهلاك المجتمعات، والعالم الرقمي ارتفعت نسبة حضوره، وممكن تنتظره أفكار واستثمارات جريئة أخرى وعديدة خصوصاً أن أكبر المستثمرين في هذا المجال مؤسسات عملاقة مثل أوقاف جامعة يال وصندوق التقاعد الكندي وبعض الصناديق السيادية، وعموماً تشكل الاستثمارات الجريئة 14 % من مجموع الاستثمارات البديلة البالغة ستة ترليونات دولار حسب بيانات Preqin.

لكن التساؤل هو استمرار الشركات والصناديق التي تدير هذه الاستثمارات، خصوصاً أن بعد استثماراتها تعاني من توقف الإنتاج والكثير من الأفكار الجريئة قائمة على ارتفاع الكفاءة في الإنتاج، ثانياً التخارج من بعض الاستثمارات المغلقة سوف يتأخر لأنها مثل أي استثمار ممكن أن تعاني من انخفاض تقييمها.. وجيل GZ الذي يكره الوقود الأحفوري هو تحدٍّ مبطن لم تره حتى الآن شركات النفط وينتظرها في المستقبل.